وقيل إنهم لما عزموا على قتله فأقبلوا حتى دخلوا تحت صَخْرَةٍ يرصدونه، فأرسل الله عليهم الصَخَّرة فرضختهم فأصبحوا رضخا: فانطلق رجال ممن قد اطلع على ذلك منهم فإذا هم رُضخ فرجعوا يصيحون في القرية: أي عباد الله أما رضى صالح أن يقتلوا أولادهم حتى قتلهم؟ فاجتمع أهل القرية على عَقر النَّاقة أجمعون، وأجمعوا عنها إلا ذلك الابن العاشر فمشوا إلى الناقة وهي على حوضها قائمة، فقال الشقي لأحدهم: أئتها فأعقرها، فأتاها فتعاظمه ذلك، فأضرب عن ذلك، فبعث آخر فأعظم ذلك، فجعل لا يبعث رجلا إلا تعاظمه أمرها. حتى مشى إليها وتطاول فضرب عُرقُوبها فوقعت ترتكض، فأتى رجل منهم صالحا فقال: أدرك الناقة فقد عُقرت. فأقبل وخرجوا يتلقونه ويعتذرون إليه يل نبي الله إنما عقرها فلان، إنه لا ذنب لنا.: قال: انظروا هل تدركون فصيلها، فإذا أدركتموه فعسى الله أن يرفع عنكم العذاب. فخرجوا يطلبونه، فلما رأى الفصيلُ أمه تضطرب أتى جَبَلا. يقال له القادة قصيرا فصعده، فصعدوا وذهبوا ليأخذوه. فأوحى الله إلى الجبل فتطاول في السماء حتى تناله الطير: قال: ودخل صالح القرية فلما رآه الفصيل بكى حتى سالت دموعه، ثم استقبل صالحا فَرَغا رغوة، ثم رغا أخرى ثم رغا ثالثة، فقال صالح: لكل رغوة أجل يوم، وذلك قوله تعالى) فَقَالَ تَمتَّعُوا في دَارِكم ثَلاثَة أيّامٍ ذَلِكَ وَعَد غَيرُ مَكذُوبٍ (ألا إن آية العذاب أن اليوم الأول تُصبحُ وجوههم مُصفَرَّة، واليوم الثاني مُحمَرَّة، واليوم الثالث مسودة. فلما أصبحوا في اليوم الأول فكأن وجوههم طُليت بالخلوق صَغِيرهم وكبيرهم وذكرهم وأناثهم، فلما أمسوا صَاحوا بأجمعهم ألا إنه قد مضى يوم من الأجل، وحضرهم العذاب، فلما أصبحوا في اليوم الثاني إذا وجوههم مُحمرَّة كأنها خُضِّبت بالدِّماء، فصاحوا وضجوا وبكوا وعرفوا أنه العذاب، فلما أمسوا صاحوا بأجمعهم: ألا قد مضى يومان من الأجل وحَضركم العذاب، فلما أصبحوا في اليوم الثالث فإذا وجوهُهُم مُسودة كلها كأنها طُليت بالقار، فصاحوا جميعا ألا قد حَضِركم العذاب فتكفنوا وتحنطوا وكان حنوطهم الصَّبر والمُقل. وكانت أكفانهم الأنطاع. ثم ألقوا نفوسهم بالأرض فجعلوا يَقلبون أبصارهم إلى السماء مرة وإلى الأرض مرة لا يدرون من حيث يأتيهم العذاب، من فوقهم من السماء أو من تحت أرجلهم من الأرض خُشَّعاً فُرقا. فلما أصبحوا، اليوم الرابع أتتهم صيحة من السماء فتقطعت من صوتها قُلُوبهم في صدورهم، فأصبحوا في ديارهم جاثمين.
وعن ابن جُريج قال: حُدَّثتُ أنه لما أخذتهم الصيحة أهلك الله من بين المشارق والمغارب منهم إلا رجلا واحدة. كان في حرمه الله، وهو أبو رغال، ويقال إن أبا رغال هو ثقيف. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أتى على قرية ثمود قال لأصحابه، لا يدخلن أحد منكم القرية، ولا تشربوا من مائهم وأراهم مُرتقى الفصيل حينَ أرتقى في القارة.
وبإسناد عن ابن جُريج عن النبي صلى الله عليه وسلم حين مروا على قرية ثمود قال: لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين: إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يُصيبكم ما أصابهم " قال ابن جريج، قال جابر بن عبد الله وغيره: لإن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتى على الحِجرِ حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فلا تسألوا رسولكم الآيات هؤلاء قوم صالح سألوا رسولهم الآية فبعث الله لهم الناقة، فكانت ترد من هذا الفج وتصدر من هذا الفج فتشرب ماءهم يوم ورودها.
[بسم الله الرحمن الرحيم]
الحمد لله الاول قبل كُل كَيفِية والآخر بعد فناء كل البَريَّة. الذي لا تُدرك الأوهام كُنهه فيوصف. ولا له فيما خلق نظير فَيُعرَف. جل عن الصفة والأنداد. وتعالى أن يُشار إليه بالأولاد. فهو الواحد القهار. المَلِكُ الجبار. الذي لم يتخذ ولدَّا ولم يَكُن لهُ شرِيكٌ في الملك، ولم يكن لهَ ولىٌّ من الذُّل وكبرهُ تكبيرا.