ان يكن يوما تصدى بنحس ... فلعل السعد يأتي رديفا
أو يكن ينفك لدغ الزمان ... فعسى هو ان يزف زفيفها
لا تهللن قرب ريح ... قد قفا منها النسيف الهيوفا
ليس برا يوم الروضة جميعا ... ان للايام كرا عطوفا
جرد العزم وشمر ليوم ... يترك العار الثقيل الخفيفا
اقعود لقلوب تلظى ... فانبذ المغفر والبس نصيفا
ليس يمحو الاشمار بكذب ... الضال إذ تدعو اليه الغريفا
فهذه وقعة الروضة من تنوف ولأبي بكر محمد بن الحسن بن دريد الازدي فيها قصائد عدة يرثي فيها من قتل بها، ويحرض قومه من الازد على القيام بأمرهم بأخذ الثأر إلى ان جمعت اليحمد، وبنو مالك، والعتيك.
وسارت إلى دار الامامة بنزوى، فاسروا راشد بن النظر، بعد ان هزموا اعوانه، وفضوا عساكره، وعزلوه من الامامة، ووقع اختيار الجميع على عزان بن تميم الخروصي، فبايعوا له ذلك في يوم الثلاثاء لثلاث خلون من شهر صفر، من سنة سبع وسبعين ومائتين. وذلك بعد موت الصلت بن مالك، رحمه الله. فكانت ولاية راشد بن النظر اربع سنين وثمانية وخمسين يوما.
[٢ - وقعة القاع]
ولم يزل سليمان بن عبد الملك بن بلال السليمي بعمان في ايام تلك الفتنة بها ومقاساة حربها، إلى ان شهدوا وقعة القاع بالخيام من ظهر عوتب عند الاهيف بن حمحام الهنائي، في جماعة ولد مالك بن فهم، وفيهم الصلت ابن نصر بن المتهال العتكي الهجاري، على العتيك، وشاذان بن الصلت على اليخمد، وامر الجيش كله مناط بالاهيف بن حمحام الهنائي في جميع قومه من بني هناة، وسائر ولد مالك بن فهم من الباطنة. والامام يومئذ عزان بن تميم الخروصي.
ةانما ندب الاهيف بن حمحام الهنائي، في هؤلاء القبائل والجيوش إلى صحار، لحرب الحواري بن عبد الله الحواري بن عبد الله الحداني السلوتي، والفضل بن الحواري السامي، ومن معهما من جموع النزارية، وغيرهم، حين اخذ الفساد على الامام عزان بن تميم، وذلك حين قتل موسى بن موسى بازكى، ومن معه من قومه، فأستوحش الناس لذلك، وخاصة النزارية، ومن كان مواليا لهم من اليمانية.
فخرج من اجل ذلكالفضل بن الحواري السامي، إلى ناحية السر، وخرج زياد بن مروان السامي ايضا إلى السر، وخرج ابو هدانة من الباطنة ولحق بالفضل بن الحواري بن عبد الله الحداني السلوتي، بجبال الحدان، وجمع بها ناسا كثيرا. ثم خرج إلى الفضل بن الحواري، إلى توام، واستعان ببني عوف بن عامر، فأجابه منهم ناس كثير. وكان معه ناس كثير من السر وبني سامة. وكان اجتماعهم بتوام.
ثم خرج الفضل بمنن معه حتى ساروا بينقل من جبال الحدان، فبايعوا الحواري بن عبد الله الحداني السلوتي، وعزموا على محاربة عزان بن تميم. فخرجوا بمن معهم يريدون صحار حتى دخلوها، فملكوها على الامام عزان بن تميم.
فبلغ الامام عزان بن تميم الخبر، وانهم قد ملكوا عليه صحار، ندب اليهم الاهيف بن حمحام الهنائي، رئيس القوم بني هناة، بمن معه من القواد الذين ذكرناهم لحربهم. وبلغ الحواري، وقد امموا عليهم الحواري بن عبد الله السلوتي وخطب له على المنبر بصحار.
فلما بلغ عزان بن تميم من خبر حرب الحواري بن عبد الله السلوتي والفضل بن الحواري. عسكر عزان بن تميم اليهم في صحار. فلما كانوا بالقرب منها خرجا بمن معهما من العساكر وكان عسكرا ضخما. فالتقوا بالخيام من ظهر عوتب، بموضع يسمى القاع. وقد حكي انها كانت بالخيام، فيجوز ان يكون بأحد الموضعين لأنه كان بالموضعين وقعتان عظيمتان.
فاقتتلوا قتالا شديدا، وحملت اليحمد والعتيك في الميمنة والقلب، وحملت بنو هناة، وسائر ولد مالك بن فهم على الميسرة، فما كان يسمع الا طنين السيوف على صفائح الدرق والبيض والحلق. وارتفع بين الكتيبتين غبار عظيم حتى ستر الشمس، وانجلى القتام على قتلى كثيرة.