قال: وذات عرق جبل بين تهامة ونجد. قال أبو المنذر وكانت الأرضُ ثلاث منازل، فما كان قبل مَهَبِّ الشمال والصُبَا وهو الصفوان عن يمين الشمال إلى مَغْرَبَها فلبني يافث بن نوح، فجعل الله فيهم الشقرة والحُمرة لبُعْد أرضهم وسمائهم من الشمس، واشتد بردها، فليس يجري فوقهم شيء من النجوم السبعة الجارية، لأنهم صاروا تحت بنات نعش والجَدْي والفَرْقَدْين، وابتلوا بالطاعون، وما كان من مَهَبّ الجنوب والدّبُور وهو لدّاوُم عن يسار الشمس إلى مغربها وسماءهم، وأجرى الشمس والنجوم فوقهم، ورفع عنهم الطاعون.
وما كان من سرة الأرض، وهو المَجْدل ما بين المشرق إلى المغرب فلبني سام بن نوح، والمجدل ما بين ساتيد ما إلى البحر، وما بين البحر إلى الشام.
وقال الشرقي: نزل سام بن نوح الشام أوّل من نزلها فسميت به، وقال الكلبي: لما تفرقوا من بابِل أخذ قومُ يمينا فسميت اليَمَن، وأخذ قوم شمالا فسميت الشام، فجعل الله تعالى لبني سام النبوة والكتاب والملك والجهاد والأدمة والبياض، فللعرب من المجدل ما دون هذه الخمسة، تهامة ونجد والحجاز والعَرْوض واليَمَن. والحجاز مكة والمدينة وما والاهما، والعرب تسمى اليمامة والبحرين العروض، لأنها كانت في ناحية العرب معترضة.
وأما السواد فإنهما سودان البصرة وسواد الكوفة فأما سواد البصرة فالأهواز ودست مَيْسان، وفارس. وأما سواد الكوفة فكُسْكُر. وحُلْوَان والكُوفة والجَزِيرة - هي ما بين دجلة والفرات - والموصل من الجزيرة إلى الجودي.
قال: ومن العماليق بنو مأرب بن قاران بن عمرو بن عِمْلِيق بن لاوذ بن سام بن نوح، وكانت عبيل ابن العوص بثيرب، فأخرجتهم العماليق منها إلى الجحفة، فأقبل سيل فاجتحفهم، فسميت الجحفة لذلك. وفي موضع آخر ثم لحقت عبيل بموضع يَثْرب ولحقت العماليق بصنعاء قبل أن تسمى صنعاء، ثم انحدر بعضهم إلى يثرب وأخرجوا منها عبيلا، فنزلوا بموضع الجُحفة فأقبل سيل فاجتحفهم وذهب بهم، فسميت الجحفة، وذكر هودَ النبي صلى الله عليه وسلم وقصة قومِهِ. قال وهب بن منبه: هو هود بن عبد الله بن أرباح بن جادب بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح.
[" قصة قوم عاد حين أهلكهم الله ببغيهم بالريح العقيم "]
كانوا ممن طغى وعَتا على الله تعالى بعد نوح عليه السلام، فأرسل الله إليهم رسُولاً فكَذّبوه وتَمادَوْا في غَيَّهم، فأهلكهم الله.
هذا الحيان من إرم بن سام بن نوح أحدهما بنو عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح، وهي عاد الأولى وكانوا اثنى عشر قبيلة، وهم: ضد، ورفد، ورمل، وزمر، وصمد، والخلود، فمن بني الخلود هود النبي صلى الله عليه وسلم بن أخلود بن الخلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح صلى الله عليه وسلم.
[ذكر أنساب القحطانية]
قال إنما أهلكهم الله بعقرهم الناقة، ثَبَت المُلك من بعدهم ورَجَع إلى قحطان بن هود وولده وسكنوا اليمن، وكان الملك قد تحول إلى قحطان بن هود وولده بعد أن أهلك الله قومٌ عاد، وهم بنو عمَّهم، وكان قحطان بن هود أوّل من مَلَك اليمن، وأوّل من سُلِّمَ عليه بأبيت اللَّعْن كما كان يَقال للملوك من بعده، واليمن كلُّهم من ولده، وجماعهم اليه، وسُمي ولدُه اليمن حين تيامنوا إليها ونزلوا بها، وكان بنو عمهم ثمود بن عابر بن إرم بن سام بن نوح مًلُوكا من تحت أيديهم، فلَّما أهلكهم الله بعقرهم الناقة ثبت الملك في ولد قحطان قال أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الباهلي: أجمع النساب على أن اليمن من ولد قحطان من هود - إلى آخر الباب إلى قوله البيئيون لا يسلبهم إلى ذلك ثم يتلوه قال فلم يزل الملك في ولد قحطان بن هود مُذ أهلك الله قوم عادٍ، وثَمُوُد يتوارثونه من أبيهم قحطان بن هود من ذلك العهد إلى أن جاء الله بالإسلام، وبعث نبيه محمدا عليه أفضل الصلاة والسلام. وقد كان سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان لما كبر سِنُّه وضَعُف بَصَره وجسمه.
والحيّ الثاني ثمود بن عابر بن إرم بن سام بن نوح وهم بنو عمهم، فعاد وثمود هم العرب العاربة.