للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نادىالى السلم منى بعد ما علقت ... منه المنية بالحيزوم واللغد

ثم زيد الخيل - بعد ما منّ على عامر بن الطفيل وجزّ ناصيته وأطلقه - رجع إلى فزارة يطلب نعمته عندهمز فأما الحطيئة فشكا الحاجة، وزعم أنه لا شئ عنده فخلى سبيله. فقال الحطيئة لزيد يمدحه:

إلا يُكن مال يُثاب فإنه ... سيأتي ثنائي زيدا بن مُهلهل

فما نِلتنا غَدرا ولكن صَبَحتنا ... غداة ألتقينا في المضيق بأخيل

في شعر طويل ومن طى أيضا ثم من بني نبهان حُريث بن عتاب الشاعر، ومنهم بنو خطامة بن سعد بن نبهان - وهم بعمان - كان منهم مازن بن غضوبة بن سبيعة بن شماسة بن حيان بن أبي بشر بن سعد نبهان بن عمرو بن الغوث بن طئ، وكان من أهل سمايل، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أول الإسلام بعمان، وأسلم ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم، ولأهل عُمان بخيرٍ. وكان من قصته وخبر إسلامه وقدُومه على النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسدون صنما له في الجاهلية بأرض عُمان بقرية سمايل، يقال له ناجر، تعظمه بنو خطامة وبنو الصامت من طئ. قال مازن: فعترنا عنده ذات يوم عَتيرةٍ: يعنى الذبيحة، فسمعت صوتا من الصنم يقول:

يا مازن اسمع تُسرّ ... ظهر خيرٌ وبَطَن شرّ

بعث نبي من مضرة ... يدين بدين الآله الأكبر

فدع نَحيتا من حَجَر ... تسلم من حَرّ سقر.

قال مازن، إن هذا لعجب، وإنه لخيرٌ يُراد بي. فبينما نحن كذلك بعد ذلك إذ ورد علينا بأرض سمايل رجل من أهل الحجاز يريد أن ينزل أدما. قال فقلت ما الخبر وراءك. قال: ظهر رجلٌ يقال له محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، يقول لِمن أتاه أجيبوا داعي الله. فلست بمُتكبر ولا جبَّار، ولا مختال ولا عصاء، أدعوكم إلى الله وترك عبادة الأوثان، وأبشركم بجنة عرضها السموات والأرض، واستنقذكم من تلظى لا يطفأ لهيبها، ولا ينعم ساكنها. قلت: هذا والله نبأ ما سمعته من الصنم. فوثبت إليه وكسرته أجذاذا، وركبت راحلتي حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألته عمَّا بُعث به، فشرح لي الإسلام، ونَوَّر الله قلبي للهدى، فأسلمت، وقلت:

كسَّرت ناجرَ أجذاذا وكان لنا ... ربَّا نظيف به ضلا بتضلالِ

بالهاشمي هَدَانا مِن ضلالتنا ... ولم يكن دينه منى على بالِ

يا رَاكِباً بَلَّغن عَمراً وإخوتها ... إنّى لمن قال: ربي ناجر قالى

قولهبلَّغت عمرا: يعنى يريد بني الصامت، واسمه عمرو بن غنم بن مالك بن سعد بن نبهان بن عمرو بن الغوث بن طيء. وإخوتها: يريد بني خطامة بن سعد بن نبهان بن عمرو بن الغوث بن طيء.

قال مازن: فقلت يا رسول الله صلى الله عليك. أدع الله تعالى لأهل عُمان. فقال: اللهم أهدهم وأثبهم. فقلت: زدني يا رسول الله. فقال: اللهم أرزقهم العفاف والكفاف والرضى. بما قدرت لهم، قلت: يارسول الله، البحر ينضح بجانبنا. ادع الله في ميرتنا وخُفنا وظلنا. قال: اللهم وسِّع لهم وعليهم في ميرتهم، وأكثر خيرهم من بحرهم. قلت زدني، قال: لا تسلط عليهم عدوا من غيرهم، قل يا مازن آمين، فإن آمين يستجاب عنده الدعاء قال: قال: يارسول الله إني مولع بالطرب، وشرب الخمر، لجوج بالنساء. وقد نفذ أكثر ما لي في هذا. وليس لي وَلَدٌ فادع الله أن يُذهب عني ماأجد، ويهب لي ولدا تقرّ به عيني، ويأتينا بالحياء. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أبدله بالطرب قراءة القرآن، وبالحرام الحلال، وبالعهر عفة الفرج، وبالخمر ريا لا إثم فيه، وآتهم بالحياء. وهب له ولدا. قال مازن: فأذهب الله تعالى عني ما كنت أجد من الطرب والنشاط لتلك الأسباب، وحججت حججاً، وحفظت شطر القرآن، وتزوجت أربع عقائل العرب، ورزقت ولدا فسميته حَيّان بن مازن، وأحصبت عُمان في تلك السنة وما بعدها، وأقبل عليهم الخُّف والظِّلف، وكثر صيد بحرها، وظهرت الأرباح في التجارات وآمن عدد كبير من أهل عُمان، ولمازن في ذلك شعر حيث يقول:

إليك رسول الله خَبَّت مطيتي ... تجوب الفيافي من عمان إلى العرج

لتشفع لي يا خير من وطئ الحصى ... فيغفر لي ربي وأرجع بالفلج

<<  <   >  >>