ومنهم الاكيدر بن عبد الملك بن عبد الحى صاحب دومة الجندل - ويقال عبد الجن صاحب دومة الجندل - اسلم، وصالحه النبي صلى الله عليه وسلم، ودخل المدينة وعليه قباء اخه حسان، وكان منسوجا بالذهب، فتعجب المسلمون منه، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: " اتعجبون من هذه؟ لمناديل سعد بن معاذ في الجنة احسن من هذا وكان كتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم كتبا، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم منع اكدير الصدقة، ونقض العهد، وخرج من دومة الجندل إلى موضع بقربها، وابتني بناء فسماه زولة الجندل: فكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد - وهو بعين التمر - بان يسير إلى اكيدر، فسار اليه فقتله، وثبت أخوه حريث بن عبد الملك على الإسلام، وتزوج يزيد بن معاوية ابنته. واخوه بشر بن عبد الملك، يقال: انه علم خطنا لاهل الانبار وتقال إن اسمه الرلجزم، وكان تعلم الخط من مرامر بن مرة، واسلم بن جدرة.
ومن السكون الحصين بن نمير بن ناتل بن لبيد بن جهثمة وناتل فاعل: من قولهم نتل بين القوم، إذا خرج من بينهم، واستنتل وانتتل والجعثن: اصول الصليان، وهو ضرب من الشجر. والحصين بن نمير هذا كان سيدا، وهو الذي استخلفه مسلم بن عقبة المزني الذي يدعى مسرفا، وكان استخلفه لحرب عبد الله بن الزبير، وحاربه بمكة ايام يزيد بن معاوية، وفي حصاره احترقت الكعبة، وهو الذي منع على بن عبد الله بن العباس يوم الحَرّة حين دخل مُسلب بن عُقبَة المدينة يعترض اهلها ويأخذهم بالبيعة ليزيد بن معاوية، فأخذ الناس وبايعهم ليزيد بن معاوية ما خلا على بن عبد الله بن العباس منعه الحُصين بن نمير السكوني ثم الكندي وقد اتينا بقصته قبل هذا فلما توفي يزيد بن معاوية خرج الحصين يحارم ابن الزُبير بالعساكر إلى الشام، وهو يومئذ امير اهل الشام وشيخهم، فلما اختلف اهل الشام بعد موت يزيد بن معاوية قال له مالك بن هُبيرة السكوني: سِر بنا نَعقد لخالد بن يزيد. فأبى عليه الحُصين. فقال له مالك ويحك يا حُصين، انك والله لا تزال في سوأة وتوقعنا في مثلها، وقد رأيت رأى معاوية وابنه، كانا فينا قَعْدَة، وهؤلاء الأصاغر من ابنائهم مثلهم فأطعني نُمَلِك خالد بن يزيد، فانه يكون الامر لنا دونه، فوالله لا يبلغ الامر الذي يُخاف منه حتى يُبْرم الامور ويحكم بما يريد، وكان مالك آيس من الحُصين. فقال:لا والله لا يأتي بشيخ ونحن نأتي بصبي ابدا، ومروان افضل اهل زمانه. قال: ويحك، انك انسان تائه العقل، وقد ذهب حِلمك: إن لاهل مروان اهل بيت من قيس ثوبك، وعلاقة سوطك، وعلى الشجرة تستظل، فقال الحصين:دعنا عنك اني والله لا اترك هذا الامر ولا أؤمر الصبيان. فقال له مالك: أما والله لكأني بك قد بعثوك على اقصى ثغورك، واستعملوا عليك سفيههم، ثم تهلك فيما بين ذلك ضيعة، فلما استُخْلَف عبد الملك بن مروان بعث الحُصين بن نمير إلى العراق لقتال المُختار وقطع معه ستين الفا من اهل الشام، ثم بعث عبد الله بن زياد اميرا عليهم، فقدم عليه عبيد الله قبل قتل سليمان بن صدد الخزاعي، وهو مقيم بالجزيرة بلوائه وولايته، فلما نظر الحصين إلى ذلك قال: ما هذا اللواء؟ قالوا هذا لواء عبيد الله بن زياد، قدم اميرا عليك، فقال الحصين: قد صدق والله مالك بن هبيرة، والله بعثوني إلى اقصى ثغورهم، واستعملوا علىّ سفيههم ولا اظنني هالكا الا ضيعة، فقتل هو وعبيد الله زياد جميعا تجارر قتلهما ابراهيم بن الاشتر النخعي وبعث برأسيهما إلى أبي حمزة المختار بن عوف، وبعث المختار برأسيهما إلى علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فأدخلت عليه وهو يصلي فلما فرغ ونظر اليهما قال: الحمد لله ما اماتني حتى اراني رأس عبيد الله بن زياد وفي ذلك يقول دعبل بن علي الخزاعي:
في ثأرنا للدين يوم ابني زياد ... تجارر والميانا طروبا
يريد قتل إبراهيم بن الاشتر عبيد الله بن زياد بدم الحسين بن علي ومن السّكون الجون بن يزيد بن حماد، وهو الذي يقول: