ومن بني هناة في الجاهلية عند ناتقالهم إلى عمان: ثعلبة بن بكر بن اسلم بن هناة، وكان ثعلبة اغار على أهل اليمامة في خيل من الازد، وهو إذ ذاك بالبحرين عند اتشارهم من عمان اليها، فأصاب نعما من نعم بني حنيفة، فكر راجعا. فلقيه قوم من بني عامر بن صعصعة فقاتله على ما في يديه فقاتلهم ثعلبة وصبرت معه فرسان الازد. فقتل عامرا ووهزيما ابنى قرط الجعدي من بني عامر، وكانا رئيسي الجيش وهما من القوم، وانهزمت بنو عامر، هزيمة لم ير اقبح منها، واسر منهم خلق كثير، وقتل في المعركة منهم ستمائة رجل.
فقالت نائحة بني عامر تبكيها وتعير قومها من بني عامر:
الا ياعين فابكي لي هزيما ... وعامر المخلف في القيام
هما حميا الذمار وقد اضعتم ... وشتان المصيع والمحام
فلولا مثل صبرهما صبرتم ... وكان الصبر من شيم الكرام
لقد قسمت سيوف الازد فيكم ... هوانا ما اقام أبناء شمام
فلا تدركوا بالثأر ثمل ... على جدباء خالعة الخطام
وقال ثعلبة بن بكر بن اسلم بن هناة في ذلك:
جلبت الخل من اكناف سرج ... إلى أهل الحواجز والكثيب
{بكل طوالة شطبا وطرف اقب مقلصى عند الجنيب
عليها كل اروع شمرى ... وفور الجاش ف اليوم العصيب
صبحت بها حنيفة وهي خوص ... كان زهاءها جفل الجنوب
فكان كلا ولا ما ابصروها ... وضلوا من قتيل أو سليب
فأصبحت السباع تجر لحما ... غبيطا من نفيرا أو نحيب
وملت بها هناك وهن خوص ... سواهم قد شفين من الدروب
فأبت بهجة خور صفايا ... كان جبينها رجع القضيب
وانكلت الفتى من آل قرط ... وكان فتى المعارك والشروب
ومن بني اسلم بن هناة: ربخة بن حارث بن عابد بن خوثر بن اسلم بن هناة بن مالك بن فهم. وكان ربخة بن حارث شربفا مطاعا، وانه وقعت بن بني حمام بن عبد رفد بن شبانة مالك بن فهم دماء، وان حارث بن كعب عبد الله بن حمام تحملها فكير فيها ماله فلم يف بحملها. فخرج مسترفدا لبني مالك بن فهم على ربخة بن حرب ب عابد الهنائي.
فقال: ان وقعت بين العشيرة دماء تخوفت فيها علهم فتحملها اصطلاحا للعشيرة واطفاء للنايرة. وقد بقيت على فيها بقية فايتتك مسترفدا أو مستعينا على بني مالك. فقال ربخة: اهلا بك وسهلا، كم بقى علك من حمالتك. قال عشرون ومائة الف درهم، فاعطاه. وقال: فعلي وقد اباحك الله منها، وخففت ظهرك من ثقلها، لا على عريك بها دون مالك. وقال عريك بن كعب الحمامي يذكر ذلك:
إذا ما قد حث بحمل ثقيل ... نحث المطى إلى ربخة
الىالضامن الدهر المتقى ... به زامة السنة الثرحة
تجده حمولا لاعبائها ... جواد العربة ذا شدخة
تخيرته من بني مالك ... عزيز النوال من همخة
يقيد العشار ويحمي الذمار ... غداة العوار له تنخه
فتى خل من مالك في الذرى ... نفاعا لقبلة سمحة
تبحبح في منتمى عزها ... فأضحى له فوقها دمحة
به يصلح الحق من مالك ... كما يصلح القوم بالرشحة
فخفف ظهري بإعطائه جراحين كرما به فتحه
وهبا النوال بكشف السؤال ... وكانت عطية الديحة
ساشكره ما سرى كوكب ... وما احتك عود من المرخة
وقال ربخة بن حرب في ذلك:
أتاني حرب حين ضاق بامره ... وقد اثقلت حربا دماء حمام
وتلف فيها ماله وسوامه ... فاصبح محربا بغير سوام
ينادي بأعلا الصوت يا ربخ انني ... تحملت غرما من ثقيل غرام
فنحن ونتم من ارومة مالك ... من النبع لا من جزوع وثمام
نمت بارحام لنا قد تواشحت ... وحق عظيم لأزم وذمام
فقلت له اهلا وسهلا ومرحبا ... كفيت بلا رجع يرجع كلام
ولبت داعية واني بمثلها ... نهوض إذا احملت غير كهام