للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلم يزالوا كذلك بين ظهراني الازد في مهادنتهم تلك، إلى أن أظهر الله الاسلام بعمان، وشاع ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في البلدان. وذلك في عصر كسرى الملك ابرويز بن هرمز بن كسرى انوشروان. فكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ابرويز يدعوه إلى الاسلام. فمزق كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين بلغه ذلك منه " اللهم مزق ملكه كل ممزق ".

فلم يفلح كسرى بعد دعوة النبي صلى الله عليه وسلم فسلط الله عليه ابنه شيرويه، فقتله.

ثم ان شيرويه كتب إلى باذان مرزبانه إلى عمان، ويقال بل يقال فستحان. وكان مرزبانه وعامله إلى عمان: ابعث من قبلك رجلا عربيا فارسيا صدوقا مأمونا - وقد قرأ الكتب - إلى الحجاز يأتيك بخبر هذا الرجل العربي، الذي يزعم أنه نبي، ليأتيك بخبره. وعني بقوله عربيا فارسيا، أي قد يتكلم بالعربية والفارسية ويعرفهما، وهو عذره.

فبعث باذان ويقال الفستحان رجلا من طاحية يقال له كعب بن برشه الطاحي. وكان قد تنصر وقرأ الكتاب. فقدم المدينة، وأتى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمه فرأى فيه الصفات التي يجدها في الكتب. فعرف انه نبي مرسل فعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم الاسلام فأسلم كعب.

فرجع إلى عمان، فأتى باذان ويقال له الفستحان، وهو بعمان. فأخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم نبي مرسل. فقال باذان ويقال الفستحان: هذا امر أريد أن اشافه فيه الملك. فاستخلف على أصحابه الذين بعمان رجلا من أصحابه يقال له مسكان. وخرج باذان إلى الملك كسرى بفارس.

ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل عمان. وكان الملك في ذلك العهد بعمان الجلندي بن المستكبر. وأرسل اليه يدعوه، ومن معه إلى الاسلام. فأجاب وارسل إلى الفرس الذين بعمان، - وكانوا مجوسا - يدعوهم إلى التدين بهذا الدين، والاجابة إلى دعوة محمد صلى الله عليه وسلم فأبوا، فأخرجهم الجلندي قهر وصغرا من عُمان.

وقال آخرون، ان النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل عمان يدعوهم إلى الاسلام، وعلى أهل الريف منهم عبد وجيفر ابنا الجلندي. وكان أبوهما قد مات في ذلك العصرز فكان في كتابه صلى الله عليه وسلم إلى أهل عمان. فأقروا شهادة: أن لا إله إلا الله وأني محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أدوا الزكاة، واعمروا المساجد، والا غزوتكم.

وعن الواقدي، باسناد، عن النبي صلى الله عليه وسلم. كتب إلى جيفر وعبد إبني الجلندي الازدي بعمان وبعث عمرو بن العاص بن وائل السهمي بكتابه اليهما وكان كتابه صحيفة أفل من الشبر، فيها: " بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد بن عبد الله، إلى جيفر وعبد ابني الجلندي، السلام على من أتبع الهدى. أما بعد فإني ادعوكما بداعية الاسلام، اسلما تسلما. فإني رسول الله إلى الناس كافة، لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين. وانكما ان اقررتما بالاسلام وليتكما، وإن أبيتما أن تقرا بالاسلام فإن ملككما زائل عنكما، وخيلي تطأ ساحتكما، وتظهر نبوتي على ملككما ". وكان الكاتب بهذا أبي بن كعب، وهو عليه السلام المملي عليه.

وطوى الصحيفة، وختمها بخاتمه المبارك. وكان نقش الخاتم: لا إله إلا الله محمد رسول الله.

قال: فقدم عمرو بن العاص بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى عبد وجيفر إبني الجلندي بعمان. فكان اول موضع دخله من صحار، دستجرد، فنزل بها وقت الظهر، وبعث إلى بني الجلندي، وهم بادية عمان. فكان اول من لقيه منهما عبد بن الجلندي، وكان احلم الرجلين وأحسنهما خلقا. فأوصل عمرو إلى أخيه جيفر بن الجلندي بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم فدفعه اليه مختوما. ففض ختامه وقرأه، حتى انتهى إلى آخره، ثم دفعه إلى اخيه عبد، فقرأه مثل قرائته. ثم التفت إلى عمرو، فقال: ان هذا الذي تدعو اليه من جهة صاحبك أمر ليس بصغير، وأنا أعيد فكري فيه، واعلمك أنه استحضر جماعة الازد وبعثوا إلى كعب بن برشة العودي. فسألوه عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال الرجل نبي. وقد عرفت صفته، وسيظهر على العرب والعجم.

<<  <   >  >>