للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالجواب، أنّ زوجاته أيضا ممّن تحرم عليهنَّ الصّدقة، قال ابن قيّم الجوزيّة: " تحريم الصّدقة على أزواج النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ليس بطريق الأصالة، وإنّما هو تبعٌ لتحريمها عليه، وإلاّ فالصّدقة حلال لهنَّ قبل اتّصالهنّ به، فهنّ فرع في هذا التّحريم " (١).

ويؤيّد ذلك ما أخرجه البخاري عن أنس ـ رضي الله عنه ـ: " ... فخرج النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فانطلق إلى حجرة عائشة، فقال: السّلام عليكم أهلَ البيت ورحمة الله، فقالت: وعليك السّلام ورحمة الله، كيف وجدت أهلك بارك الله لك؟ فتَقَرّى (فَتَتَبَّعَ) حُجَرَ نسائه كُلّهُنّ يقول لُهُنّ كما يقول لعائشة، ويقُلْنَ له كما قالت عائشة " (٢).

المبرّأة من الله عائشة صدّيقة الأمّة وأمّ المؤمنين

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " بحسب امرئ من الشّرّ أن يحقِرَ أخاهُ المسلم، كلُّ المسلم على المسلم حرام: دمُهُ، ومالُهُ، وعرضُهُ " (٣) فإذا كانت أعراض المسلمين محرّمة علينا، فحرمة أعرا ض أمّهات المؤمنين أشدّ حرمة!

ويموت قلبك من كمدٍ حين تعلم أنّ أقواماً تَتَقرَّبُ إلى الله بِلَعْنِ أمّ المؤمنين عائشة! {سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٨٢) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٨٣)} [الزّخرف].

أخرج أحمد بسند صحيح عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ليس المؤمن بطعّان، ولا بلعّان، ولا الفاحش البذيء " (٤).


(١) ابن قيّم الجوزيّة " جلاء الإفهام " (ص ١٣٤) وقد كتب ابن قيّم الجوزيّة فصلا تحت عنوان: من هم آل النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -؟ وذكر أنّه اختلف في آل النّبيّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ على أربعة أقوال، وذكر هذه الأقوال وساق حججها، وبيّن ما فيها من الصّحيح والضّعيف.
(٢) البخاري " صحيح البخاري " (م ٣/ج ٦/ص ٢٥) كتاب التّفسير.
(٣) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّووي " (م ٨/ج ١٦/ص ١٢٠) كتاب البرّ والصّلة.
(٤) أحمد " المسند " (ج ٤/ص ٥٥/رقم ٣٨٣٩) ورواه التّرمذي عن محمّد بن يحيى الأزدي، عن محمّد بن = = سابق في " الجامع الكبير " (م ٢/ص ٥٢٠/ رقم ١٩٧٧)، وقال: هذا حديث حسن غريب، وقد روي عن عبد الله من غير هذا الوجه.

<<  <   >  >>