للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقول ابن تيمية في معرض ردّه على قول من قال إنّ معاوية سَمَّ الحسن: " ولم يثبت ذلك ببيّنة شرعيّة، أو إقرار معتبر، ولا نقل يجزم به. وهذا ممّا لا يمكن العلم به، فالقول به قول بلا علم " (١).

دعوى أنّ معاوية أكره النّاس على مبايعة يزيد

وممَّن لم ينصفهم المؤرِّخون نتيجة ما نقلوه عن الوضَّاعين يزيد بن معاوية، الّذي قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في حقّه: " أوّل جيشٍ من أمّتي يغزون مدينة قيصر مغفورٌ لهم " (٢) فكان أوّل جيش غزى مدينة قيصر بقيادة يزيد بن معاوية ـ رضي الله عنه ـ وإذا كان الجيش مغفوراً له، فما بالك بقائد هذا الجيش!

ومن هذه الأباطيل الّتي يُتَجنَّى بها على يزيد أنّ معاوية أكره النَّاس على مبايعة يزيد، وأنّ بيعته غير صحيحة، وأنّ أهل المدينة خلعوه لِمَا بَلَغَهُم عنه من شُرْب الخمر وغير ذلك من الأباطيل الّتي لو صحَّ منها شيءٌ ما وقف الصَّحابيُّ الجليل عبد الله بن عمر بن الخطّاب ـ رضي الله عنهما ـ يومها يدافع عنه ويقرِّرُ صِحَّةَ ولايته، ويكذّب ما بلغهم عنه، فقد أخرج البخاري عن نافع، قال:

" لمّا خلع أهلُ المدينة يزيدَ بن معاوية جمع ابنُ عمر حَشَمَه وولده، فقال: إنّي سمعتُ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: يُنْصَبُ لكلِّ غادر لواءٌ يومَ القيامة، وإنّا قد بايعنا هذا الرّجل على بيع الله ورسوله، وإنّي لا أعلمُ غَدْراً أعظمَ من أن يُبايعَ رجلٌ على بيع الله ورسوله، ثمّ يُنْصَبُ له القتالُ، وإنّي لا أعلَمُ أحداً منكم خَلَعَه ولا بايع في هذا الأمر إلاّ كانت الفيصل بيني وبينه" (٣).

وهذا الحديث يكذّب أيضاً دعوى أنّ عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ كان يطمع


(١) ابن تيمية " منهاج السّنّة " (م ٤/ص ٤٦٩).
(٢) البخاري " صحيح البخاري " (م ٢/ج ٣/ص ٢٣٢) كتاب الجهاد والسّير.
(٣) البخاري " صحيح البخاري " (م ٤/ج ٨/ص ٩٩) كتاب الفتن.

<<  <   >  >>