للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأُسَايرُ عبد الله بن العاص ومعاوية، فقال عبد الله بن عمرو لعمرو: سمعتُ رسول الله يقول: تقتله الفئة الباغية ـ يعني عمّاراً ـ، فقال عمرو لمعاوية: اسْمعْ ما يقولُ هذا، فحدّثه، فقال: أنحنُ قتلناه؟! " (١) فمن قوله: " أنحنُ قتلناه؟! " يفهم أنّه لا نيّةَ لقتله (٢).

عدد من شهد الفتنة من الصّحابة ـ رضي الله عنهم ـ

وهذه الفتنة لم يشهدها من الصّحابة إلاّ نفر قليل، خلافاً لما تُصوِّرُهُ كثير من ... الرّوايات الموضوعة الّتي توغر صدور القرّاء، فهذه الرّوايات فيها أنّ الّذين شاركوا في الجمل وصفّين من الصّحابة أكثر عدداً من الّذين توقّفوا، وما صحّ ما أخرجه عبد الرّزّاق في " المصنّف " بسند صحيح (٣) عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين، قال: " ثارت الفتنة، وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة آلاف، لم يخفَّ منهم أربعون رجلاً " (٤) أي أن عدد الصّحابة الّذين شاركوا في الجمل وصفّين أقلّ من أربعين صحابيّاً.

وأخرج نحوه أبو بكر الخلاّل بسند صحيح عن محمّد بن سيرين، قال: " هاجت


(١) أحمد " المسند " (ج ٦/ص ٣٨٩/رقم ٦٩٢٦).
(٢) المشهور أنَّ قاتل عمَّار أبو الغادية يسار بن سبع، ترجم له الحافظ في الكُنى، وقال: لهُ صُحْبة "الإصابة" (م ٤/ج ٧/ص ١٤٧).
قلتُ: ومن الغريب أن يكون قاتله وهو يعلم أنَّ قاتله في النَّار، ومِن العجيب أن يقتله، وقد روي أنَّه سمع النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّ دماءَكم وأموالكم حرام ... ".
(٣) قلت: وإسناده صحيح، معمر هو شيخ عبد الرّزّاق أبو عروة البصري، قال عنه ابن حجر: معمر بن راشد الأزدي، ثقة ثبت فاضل إلاّ أنّ في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة شيئاً وكذا فيما حدّث به بالبصرة " تقريب التّهذيب " (ص ٥٤١/ رقم ٦٨٠٩) وأيوب بن أبي تميمة: كيسان السّختياني، أبو بكر البصري، ثقة ثبت حجّة من كبار الفقهاء العبّاد " تقريب التّهذيب " (ص ١١٧/ رقم ٦٠٥) وابن سيرين، هو أبو بكر ابن أبي عمرة البصري، محمّد بن سيرين الأنصاري، ثقة ثبْت عابد كبير القدر كان لا يرى الرّواية بالمعنى "تقريب التّهذيب " (ص ٤٨٣/ رقم ٥٩٤٧).
(٤) عبد الرّزاق " المصنّف " (ج ١١/ ص ٣٥٧/ رقم ٢٠٧٣٥) كتاب الجامع.

<<  <   >  >>