للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عائشة زوجته في الآخرة، وأنّ طلحة والزّبير شهيدان لو كان في خروجهم معصية لله، أو كان في خروجهم دغل أو غشّ أو خروج على الخليفة؟!

وهذا يدلّك على سلامة نيّة الصّحابة في الخروج، وأنّهم لم يخرجوا لدنيا يصيبونها، وحسبهم قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: " إنّما الأعمال بالنّيّات، وإنّما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ... " (١) وحسبهم قوله - صلى الله عليه وسلم -: " عجباً لأمر المؤمن إنَّ أمره كلّه خير وليس ذاك إلاّ للمؤمن " (٢).

[ندم عائشة ـ رضي الله عنها ـ على خروجها ودلالته]

وقد ندمت عائشة ـ رضي الله عنها ـ على خروجها، أخرج الحاكم عن هشام وقيس عن عائشة، قالت: " وددتُ أنّي كنت ثكلت عشرة مثل الحارث بن هشام، وأنّي لم أَسِرْ مسيري مع ابن الزّبير " (٣) وندمها ـ رضي الله عنها ـ يَدُلُّ على أنّ خطأها في الاجتهاد من الخطأ المغفور المأجور!

ولمّا سُئلت عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن خروجها برّرت واعتذرت، فقد أخرج ابن أبي شيبة بسند حسن عن عبيد بن سعد، عن عائشة، أنّها سُئلت عن مسيرها، فقالت: " كان قدراً " (٤) ومن لم يَسَعْهُ ذلك فليَسَعْهُ قولُ الله تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ... (٥٤)} [الأعراف] فمن بقي له شيء بعد ذلك عند الله فليطلبه!

وقد لَفَتَ انتباهي أنّ عائشة ـ رضي الله عنها ـ لها مع الجمل حكايتان: الأولى يوم خرجت مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في غزوة غزاها، فنزلت عن الجمل فَمَشَتْ حتّى جاوزت الجيش، فلمّا


(١) البخاري " صحيح البخاري " (م ٤/ج ٨/ص ٥٩) كتاب الحيل.
(٢) مسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي " (م ٩/ج ١٨/ص ١٢٥) كتاب الزّهد.
(٣) الحاكم " المستدرك " (ج ٣/ ص ١١٩) كتاب معرفة الصّحابة، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
(٤) ابن أبي شيبة " مصنّف ابن أبي شيبة " (ج ١٥/ ص ٢٨١/ رقم ١٩٦٦٥) كتاب الجمل.

<<  <   >  >>