مجتهدون، وأهل الحقّ مجمعون على كمال عدالتهم، وعدالتهم ثابتة في القرآن والسُّنَّة.
كذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: " وتفترق أمّتي على ثلاث وسبعين مِلّة كُلّهم في النّار إلاّ ملّة واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي "(١).
فسمّاهم النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أمّته مع الافتراق، فالأصل أنّها من أمّة محمّد - صلى الله عليه وسلم - وإذا كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قد حكم عليها أنّها في النّار فلا يخفى على من كان له قلب أنّه سَكَتَ عن خلودها في النّار، فلم يقل: كلّها خالدة مخلّدة في النّار!
وهذا الحديث لا يفهم منه أنّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يدعو إلى الفُرْقَة، كما أنّه لا ينصّ على فرقة ناجية باسمها، وإنّما بيّن الفرقة النّاجية، وهي الَّتي على ما كان عليه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فمن كان على ذلك فهو ناجٍ إن شاء الله تعالى.
هذا وكلّ الشبهات التي يستند إليها الغلاة مردودة بالمحكمات البيّنات.
قلة أهل الحقّ وكثرة أهل الباطل!
لا يحزنك قلَّةُ أهل الحقّ وكثرة أهل الباطل، فأهل الحقّ قليل؛ لأنّ أمر الحقّ يصعب على أكثر من في الأرض، وقد أقسم ربُّ النّاس على خسارة النّاس، فقال: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢)} ثمّ استثنى منهم فقال: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (٣)} [العصر] والغالبيّة في طرف المستثنى منه، وهو استثناء عام متّصل يدخل تحته كلّ مؤمن ومؤمنة.