للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعدِلْ. قال: فما زلتُ أظنّ أنّي مبتلى بعمل لقول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حتّى ابْتُليت" (١).

فمن أراد النّجاة فليُعرض عن هواة التّرّهات وعشّاق الجدل الّذين يخاصمون في الصّحابة بالباطل، فقد ذمّ الله تعالى الجدل لغير إحقاقِ حقٍّ وإبطال باطل، فقال: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (٥٨)} [الزّخرف] فأنا أعلم أنّ من النّاس ناساً مهما جئتهم بآية وبيّنة لا يؤمنون بها اقتداء بكفّار قريش الّذين لم تنفع فيهم معجزة ولا آية، كما قال تعالى: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (١٥)} [الحجر] وفي الحديث الشّريف عن أبي أمامة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما ضلّ قومٌ بعد هُدىً كانوا عليه إلاّ أُوتوا الجدل ثمّ تلا هذه الآية {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (٥٨)} [الزخرف] " (٢).

مناظرة ابن عبّاس الخوارج فيما نقموه على عليّ

من هم القُرّاء؟ ولماذا خرجوا على عليّ؟ ولماذا سمّوا بالحروريّة؟ وماذا قال لهم ابن عبّاس في مناظرته لهم فيما أنكروه على عليّ حتّى يرجع منهم ألفان؟

أمّا مَنْ أنكر على عليّ ـ رضي الله عنه ـ التّحكيم في صفّين، وادَّعى أنّ عليّاً حكّم الرّجال في دين الله تعالى، وذلك حرام بدليل قوله تعالى {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ... (٥٧)} [الأنعام] وقوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ... (١٠)} [الشورى].

فإنّ الّذين أنكروا عليه ذلك هم الخوارج، وكانوا يُسمَّون قبل ذلك بالقُرّاء لكثرة اجتهادهم في تلاوة القرآن الكريم، إلاّ أنّهم كانوا يتأوّلون بعض آياته على غير مراد الله منه ويتَعنَّتون برأيهم. وسُمُّوا بالخوارج بعد حادثة التّحكيم لأنّ طائفة منهم ابتدعت وخرجت


(١) أخرجه أحمد في " المسند " بإسناد صحيح (ج ١٣/ص ٢٠٤/رقم ١٦٨٧٢) وهو في " سير أعلام النّبلاء " (ج ٣/ص ١٣١) وقال المحققُ: رجاله ثقات.
(٢) أحمد " المسند " (ج ١٦/ ص ٢٢٣/رقم ٢٢٠٦٤) وإسناده صحيح.

<<  <   >  >>