الحمدُ لله حمداً يكافئُ نعمه ويوافي مزيده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأصلِّي وأسلِّم على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه والتَّابعين بإحسان إلى يوم الدِّين وبعد:
فقد رَغِبَ إليَّ الأخُ العزيز أحمد الشوابكة أن أقدِّم لكتابه (وأد الفتنة) فعشتُ مع الكتاب أقلّبُ صفحاته وأقرأ ما بين سطوره فترةً من الزمن، وكلَّما قرأتُ موضوعاً راودتني نفسي بالرُّجوع مرةً أخرى إلى ما قرأت للوقوفِ على مصادرِ البحث؛ فقد قرأتُ في كتابه ما لم تألف الأذنُ سماعه من مصادرَ كثيرة وفي مجالس علمٍ عديدة، الأمر الذي رأيته يستحق الوقوفَ عنده والتأكدَ من ثبتِ مراجعه، فألفيتُ المؤلّف ـ جزاه الله خيراً ـ غوَّاصاً في بحرٍ لجيّ من الرّوايات التَّاريخيَّة، لا يغترف منها إلا بقدر ما صحّ من أسانيدها، ولا يقبل منها إلا أعلاها سنداً؛ ينفي بها كلَّ خَبثٍ أُلصِقَ بتاريخ الصَّدر الأوَّل من هذه الأمَّة، ينافحُ بالأدلّة الدَّامغة من القرآن الكريم والسُّنَّة النَّبويَّة والحجج القويَّة، لا يتعصبُ لرأيٍ ولا ينحازُ لفئة إلا لرسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وصحبه الكرام ـ رضي الله عنهم وأرضاهم ـ.
ولم يكن مبتدعاً لهذا المنهج، وإنما كان متَّبعاً لمنهج أهل الحديث ينفي بكورهم كلَّ خَبَثٍ أوردته كتب التَّاريخ التي تسردُ الرّوايات والقصصَ من غير تمحيص ولا تدقيق، فاستغلَّ هذه الرِّوايات مَنْ في قلوبهم مرض، فاتَّبعوا الشُّبهات وحاولوا النَّيل من المرضيين والمرضيَّات، والطّيبين والطيّبات من أمَّهات المؤمنين وصحابة الرّسول الكريم ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ.
وايم الله إنَّ هذا من وسائل حفظ الدِّين أنْ قيَّضَ الله رجالاً يواصلون الليل مع النَّهار