للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحرب أربع ساعات من النّهار، فروى بعضهم أنّه قُتِلَ في ذلك اليوم نيف وثلاثون ألفاً " (١) وهذا لا يصحّ نقلاً ولا عقلاً؛ فالقتال أربع ساعات بالسّيوف لا يوقع هذه الأعداد من القتلى! وقد يقول قائل لكنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أخبر أنّه: " يقتل عن يمينها وعن شمالها قتلى كثيرة " (٢) فالجواب نعم ولكن ليس بهذه الكثرة المبالغ بها! ولا غرو أنَّ المبالغة من علامات الوضع الّتي تُعرف بها الرّوايات الباطلة.

الثناء على عائشة قبل موتها على لسان ابن عبّاس

لمّا حضرت عائشة ـ رضي الله عنها ـ الوفاة استأذن ابن عبّاس ـ رضي الله عنه ـ عليها وهي تموت، فأثنى عليها، فلمّا خرج من عندها وافَقَ خروجُه دخول ابن الزّبير، فأخبرته عن دخول ابن عبّاس وثنائه عليها، وقالت: " وددت لو كنت نَسْياً منسياً " وهذا على عادة أهل التُّقى والورع!

أخرج البخاري عن ابن أبي مُليْكة، قال: " استأذن ابن عبّاس ـ قبل موتها ـ على عائشة، وهي مغلوبةٌ، قالت: أخشى أن يثني عليّ، فقيلَ: ابن عمّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن وجوه المسلمين، قالت: ائذنوا له، فقال: كيف تجدينَك؟ قالت: بخيرٍ إن اتَّقيْتُ الله، قال: فأنتِ بخير إن شاء الله؛ زوجةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم ينكحْ بكراً غيرك، ونزل عذرُك من السّماء، ودخل ابن الزّبير خلافه، فقالت: دخل ابن عبّاس، فأثنى عليّ، ودِدْتُ أنّي كنتُ نَسْياً مَنْسيّاً " (٣).

وأخرج البخاريّ عن القاسم بن محمّد أنّ عائشة اشتكتْ، فجاء ابن عبّاس، فقال:


(١) اليعقوبي " تاريخ اليعقوبي " (م ٢/ص ٨١).
(٢) ابن حجر " فتح الباري " (ج ١٣/ص ٤٥) وقال ابن حجر: رواه البزّار ورجاله ثقات. وأورده الهيثمي في " مجمع الزّوائد " (ج ٧/ص ٢٣٤) وقال: رواه البزّار ورجاله ثقات.
(٣) البخاري " صحيح البخاري " (م ٣/ج ٦/ص ١٠) كتاب تفسير القرآن، وانظر " الرّصف " لابن العاقولي (م ٢/ص ٢١٢).

<<  <   >  >>