للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما تقدّم ـ، فقد أخرج أحمد بإسناد حسن عن أبي غادية، قال: "قُتل عمّار بن ياسر، فَأُخْبِرَ عمرو بن العاص، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إنَّ قاتله وسالبه في النَّار. فقيل لعمرو: فإنَّكَ تقاتله؟ قال: إنّما قال: قاتله وسالبه" (١) فالّذي يتحمّل إثمه ووزره قاتله وسالبه، وليس من يُقاتله.

والفئة الّتي باشرت قتله وكانت وراء قتله هي الفئة الباغية، وهي الفئة نفسها الّتي كانت وراء إثارة الفتنة في الجمل وصفين، ووراء كلِّ شرٍّ وبلاء. أمّا قوله - صلى الله عليه وسلم -: " ويدعونه إلى النّار " فإنّ الضمير لم يُسَمَّ فاعله، والمراد قتلته.

العفو عمّن قاتل من الصّحابة في الجمل وصفّين

ممّا لا ريب فيه أنّ للصّحابة ـ رضي الله عنهم ـ فيما جرى بينهم عذر يخفى علينا، فإن غمّ علينا معرفَتُه فإنّه يسعنا قول أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ: " إنَّ هذه الأمّة أمّة مرحومة، لا عذاب عليها إلاّ ما عذَّبَتْ هي أنفسها، قال: قلت: وكيف تعذّب نفسها؟ قال: أما كان يوم الجمل عذاب؟ أما كان يوم صفّين عذاب؟ أما كان يوم النّهر عذاب؟ " (٢).

وقول أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ مأخوذ من حديث النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الّذي أخرجه أحمد بسند صحيح عن أبي موسى، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ أمّتي أمّة مرحومة ليس عليها في الآخرة عذاب إنّما عذابها في الدُّنيا: القتل والبلابل والزّلازل " (٣).

وعن أمّ حبيبة أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: " أُريت ما يلقى أمّتي بعدي، وسفك بعضهم دماء


(١) أحمد " المسند " (ج ١٣/ص ٤٩١/رقم ١٧٧٠٤).
(٢) ابن حجر " المطالب العالية " (م ١٨/ص ١٩٥/ رقم ٤٤٣٠) وهو في باب الإشارة إلى العفو عمّن قاتل من الصّحابة في هذه المواطن، وقال المحقّق: صحيح بهذا الإسناد لأنّ جميع رواته ثقات.
(٣) أحمد " المسند " (ج ١٤/ص ٥٤٦/رقم ١٩٥٦٦) وأخرج نحوه في" المسند " (ج ١٥/ص ٢٥/ رقم ١٩٦٤٠) وأخرجه الحاكم في " المستدرك " (ج ٤/ص ٢٥٤) وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه. ووافقه الذّهبي.

<<  <   >  >>