للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقدره، وعرفاناً بفضله، وتعبيراً عن محبَّتنا له، وذلك من علامات صدق الإيمان.

وقد جاءت الآية مؤكّدة للصّلاة بمؤكِّدات سبعة: إنَّ والجملة الاسميَّة، وصلاة الله، وصلاة ملائكته، وصلاة الّذين آمنوا، والإخبار، والنِّداء، والأمر. كما أَكَّدَتْ السَّلامَ بالمصدر، وهذا فيه دلالة واضحة على وجوب امتثال أمر الله بالصَّلاة والسَّلام على نبيِّه محمَّد - صلى الله عليه وسلم - الّذي بَلَغَ العلى بعصمته وكمال رسالته، فلم تعد البشريَّة بحاجة إلى الرُّسل والرِّسالات من بعده!

وليس صلاتنا عليه - صلى الله عليه وسلم - شفاعة له، ومن أين لمثلنا أن يشفع لمثله - صلى الله عليه وسلم -! وإنّما المراد بالصّلاة على النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من الله رحمة، ومن الملائكة استغفار، ومن المؤمنين دعاء.

والمؤمن إذا صلّى على نبيّه - صلى الله عليه وسلم - عاد ذلك عليه بالرّحمة، فإذا سأل لنبيّه - صلى الله عليه وسلم - الوسيلة حلَّت له الشَّفاعة، روى مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنّه سمع النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: " إذا سمعتم المؤذّن، فقولوا مثل ما يقول، ثمَّ صلّوا عليَّ؛ فإنَّه من صلَّى عليَّ صلاة صلَّى الله عليه بها عشراً، ثمَّ سَلُوا الله لي الوسيلة فإنّها منزلة في الجنَّة لا تنبغي إلاّ لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلَّت له الشَّفاعة " (١).

فالنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خير شافع، وأوّل شافع، وأوّل مشفّع، وقد أغناه الله تعالى بفضله عمَّن سواه، أخرج مسلم عن أبي هريرة، قال: قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " أنا سيّدُ ولد آدم يوم القيامة، وأوّل من ينشقُّ عنه القبرُ، وأوّل شافع، وأوَّل مشفّع " (٢).

قولهم: هل شَكَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في حقيقة ما قصّ الله عليه؟

قالوا: وهل شكَّ النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في حقيقة ما قصّ الله عليه في هذا الكتاب، حتّى ينهاه الله تعالى عن أن يكون من الممترين؟! فقد قال الله تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ


(١) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّووي " (م ٢/ج ٤/ص ٨٥) كتاب الصّلاة.
(٢) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٨/ج ١٥/ص ٣٧) كتاب الفضائل.

<<  <   >  >>