امتحن الله تعالى عباده الّذين يحبّون الله ورسوله بهذه الآية، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ... (٣١)} [آل عمران].
فقد اشترط الله على عباده لينالوا محبّته اتّباعَ رسوله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، ولذلك فإنّ دعوى محبّة الله والرّسول دون اتّباعٍ دعوى باطلة وخاسرة؛ لأنّ من علامات محبّة الله اتّباع رسوله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، ونصرة دينه، والذّب عن شريعته، والتّخلّق بأخلاقه، وإحياء سنّته، وتوقيره، ومن توقيره توقير أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ والإمساك عمّا شَجَرَ بينهم.
وقد أثبت الله الحبّ له، فقال: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ... (٥٤)} [المائدة] وكلّما كان العبد لله أعْرَفَ كان حبُّه أشدَّ وطاعته أعظم، كما أثبت الله تعالى هذا التفاوت في الحبّ، فقال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ... (١٦٥)} [البقرة]، ويزاد في محبّة النَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ على محبّة الله التخلّق بخلقه ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، وقد عرفنا أنّ خلقه القرآن الكريم، فمن جاهد نفسه على ذلك وجد حلاوة الإيمان.
وقد جعل الرَّسول ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ محبة الله ورسوله من شروط الإيمان في غير حديث، قال ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ:" لا يؤمن أحدكم حتَّى أكون أحب إليه من والده وولده والنَّاس أجمعين "(١).
واسم التفضيل (أحبّ) هو أفعل بمعنى المفعول، أي حتى يكون الرَّسولُ محبوباً
(١) البخاري " صحيح البخاري " (م ١/ ج ١/ ص ٩) كتاب الإيمان.