للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقالة أمّ جميل العوراء (حمّالة الحطب) وما نزل من القرآن

حين سمعت أمُّ جميل بنت حرب، ما نزل فيها وفي زوجها من القرآن، أَتَتْ رسول الله وهو جالس في المسجد، عند الكعبة، ومعه أبو بكر الصّدّيق، وفي يدها حجر ملء الكَفّ، تريد أن تضرب به الرَّسولَ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، فكفّها الله عنه.

فقد أخرج الحاكم عن سفيان، عن الوليد بن كثير، عن ابن تدرس، عن أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنها ـ قالت: " لما نزلت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ... (١)} [المسد]، أقبلت العوراء (أمّ جميل) بنت حرب ولها ولولة، وفي يدها فِهْر، وهي تقول:

مذمّماً أبينا ... ودينه قَلَيْنَا

وأمره عصينا

والنَّبيُّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ جالس في المسجد، ومعه أبو بكر، فلمّا رآها أبو بكر، قال: يا رسول الله، قد أقبلت، وأنا أخاف أن تراك! فقال رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ: إنّها لن تراني. وقرأ قرآناً، فاعتصم به كما قال، وقرأ: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (٤٥)} [الإسراء]، فوقفتْ على أبي بكر، ولم تَرَ رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ فقالت: يا أبا بكر، إنّي أُخْبِرْت أن صاحبك هجاني، فقال: لا وربّ هذا البيت ما هجاك، فولّت، وهي تقو ل: قد علمت قريش أنّي بنت سيدها " (١).

وأخرج البخاري عن جُنْدُب بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: " احتبَسَ جبريلُ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ على النَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، فقالت امرأةٌ من قُريش: أبطأ عليه شيطانُه، فنزلتْ: {وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣)} [الضحى] " (٢).


(١) الحاكم في " المستدرك " (م ٢/ ص ٣٦١) كتاب التفسير. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذّهبي.
(٢) صحيح البخاري " (م ١/ج ٢/ص ٤٣) كتاب الكسوف. ومسلم " صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٦/ج ١٢/ص ١٥٦) كتاب الجهاد والسّير.

<<  <   >  >>