قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ ... (١١٢)} [الأنعام]، فمن حكمة الله تعالى أنّه لم يَبْعَثْ نبيّاً إلاّ وجعل له أعداء يشكّكون بما جاء به ويعتدون عليه، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في غير موضع، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (٣١)} [الفرقان]، فانظر إلى آدم وإبليس، وإبراهيم والنّمرود، وموسى وفرعون، والنَّبيَّ محمّد ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وأبي جهل وأبي لهب ... لكن من نعمة الله تعالى عليهم أن جعل مُقابِل ذلك الهدايةَ والنُّصْرةَ لهم حقّاً عليه، قال تعالى: {وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (٣١)} [الفرقان].
وهذا الاعتداء على النَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ قديم، قال تعالى: {لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ ... (٤٨)} [التوبة]، فكم هم الّذين أجالوا الفِكْرَ في كيد النّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وإبطال دينه من المشركين والمنافقين، ولكن من كان الله معه فمن عليه؟!
كما أنّ أعداء النَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ (شياطين الإنس والجنّ) باقون حتّى يومنا هذا، ولا أدري ماذا يريدون من رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ؟! آذوه بعد مماته، كما آذاه أَسْلافُهم من قبل في حياته؟!
فقد لَقِيَ النّبيُّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ من ألوان الأذى شأنه شأن سائر الأنبياء والمرسلين، اختبأ في دار الخيزران (١)، وهم يتربصون به؛ فجعل يَفِرُّ بدينه من مكان إلى مكان، وهم يدمون قدميه