للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشّريفتين، ويشقون سلا الجزور على ظهره.

ولبث عشر سنين يتبع النّاس في منازلهم في الموسم ومَجَنَّة وعُكَاظ ومنازلهم من منى، وهو يقول: " من يؤويني، من ينصرني، حتّى أبلّغ رسالات ربّي؛ فله الجنَّة؟ فلا يجد أحداً ينصره ولا يؤويه حتّى أنّ الرّجل ليرْحَل من مِصْر أو من اليمن إلى ذي رحمه، فيأتي قومه، فيقولون له: احذر غلام قريش لا يفتنك " (١).

وتُكْسَر رباعيَّتُه يوم أُحُد، ويشجّ في رأسه وليس له من الأمر شيء! ويموت ابنه، وتقذف زوجته، ويظهر الله على يديه المعجزات، وهم يتظاهرون عليه، ويقولون ما أخبر الله تعالى عنه: {وَقَالُوا يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦)} [الحجر]، فيكذبهم الله {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (٢٢)} [التكوير].

ويصفونه بأنَّه شاعر أو كاهن: {وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (٣٦)} [الصافات]، فيهدم الله وصفهم، فيقول: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٤٢)} [الحاقة].

ويصفونه بأنَّه ساحر كذّاب: {وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٤)} [ص]، فيقول الله: ... {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (٥٣)} [الذاريات].

ويواجهونه دون استحياء بأنَّه مُفْتر متقوِّل على الله بما لم يقُل: {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ ... (١٠١)} [النحل]، فيردّ الله بما يدفع جهلهم: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٠١)} [النحل]، ثمّ يردّ مؤكّداً: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ


(١) الحاكم " المستدرك " (ج ٢/ ص ٦٢٤) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه.

<<  <   >  >>