للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قولهم: علم النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كفرهم ثمّ استغفر لهم!

قال الله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (٨٠)} [التوبة].

وهناك من قال: كيف يستغفر الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم - للذين يلمزون المُطَّوّعين في الصّدقات ويسخرون منهم، وقد تَهدَّدهم الله تعالى بعذاب أليم؟! وأخبر: {بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ... (٨٠)} [التوبة].

فالجواب، لمّا نزل وعيد اللامزين للمطَّوِّعين في الصّدقات طلبوا من الرّسول - صلى الله عليه وسلم - أن يستغفر لهم، فنزلت الآية الكريمة، وأجود ما يقال أنّه - صلى الله عليه وسلم - إنما استغفر لقوم منهم على ظاهر إسلامهم، ولو علم - صلى الله عليه وسلم - بكفرهم ما استغفر لهم! والآية الكريمة منسوخة بقول الله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ... ... (٦)} [المنافقون].

دعوى أنّ الشّيطان ألقى على لسان النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - جملة (تلك الغرانيق ... )

ورد في بعض كتب السّيرة والتّفسير والحديث فِرْيةٌ لا مِرْيةَ فيها، خلاصتها أنّ سبب نزول قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢)} [الحجّ] أنّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - تمنّى لو أنزل الله عليه آية يستميل بها قلوب المشركين، حتّى أنزل الله عليه سورة النّجم، فلمّا بلغ قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (٢٠)} [النّجم] ألقى الشّيطان على لسانه: (تلك الغرانيق العلى وإنّ شفاعتهنّ لترتجى).

وقد اختلفت طرائق وألفاظ هذه الرّواية لكنّها اتفقت في خلاصتها، مع أنّ الآية الكريمة ليس فيها تصريح أو تلميح لهذه القصّة المردودة عقلاً ونقلاً، وليس في الآية إسناد شيء إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وإنّما تضمّنت حالة من كان قبله من الرّسل إذا تمنّوا.

<<  <   >  >>