للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعتقد كلّ مسلم يؤمن بالله ورسوله ويتّبع سبيل المؤمنين أنّ ما جاء به - صلى الله عليه وسلم - وحي، بشهادة الله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النّجم] وقوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ ... (١٧٠)} [النّساء] وأنّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لا تَنْفَكُّ عنه صِفَةُ العِصْمة عن المعاصي الاعتقاديّة والقوليّة، والفعليّة، فضلاً عن عصمته عن الكتمان والتّحريف، والخطأ والغلط والنّسيان فيما أمره الله بتبليغه، وأنّ الله تعالى لا يقرّه على كذب أو باطل: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (٤٧) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (٤٩)} [الحاقّة] وأنّ الوحي معصوم، وأنه نزل به بالحقّ: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ ... (١٠٢)} [النّحل] وأنّ الشّياطين لا يكون لها أن تتنزَّلَ به: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (٢١٠) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (٢١١)} [الشّعراء].

فقد عصم الله تعالى نبيّه من الشّيطان في جسمه وخاطره ولسانه، ولذلك تقول عائشة ـ رضي الله عنها ـ لمّا خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عندها ليلاً: " فَغِرتُ عليه، فجاءَ فرأى ما أصنعُ، فقال: ما لك يا عائشةُ، أغرتِ؟ فقُلتُ: ومالي لا يَغارُ مثلي على مثلكَ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أقَد جاءك شيطَانُك؟ قالت: يا رسول الله، أومعيَ شيْطانٌ؟! قال: نعم، قُلْتُ: ومعَ كلّ إنسان؟! قال: نعمْ، قُلتُ: ومعَكَ يا رَسُولَ الله؟! قال: نعم، ولكنّ ربّي أعانني عليه حتّى أسلم " (١).

وفي عقيدتنا أنّ الله حَفِظَ القرآنَ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في حالتي النّوم واليقظة، يقرأه في يُسْر وسهولة، قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربّه إنّ الله تعالى، قال: " إنّما بعثْتُك لأبتليك وأبتلي بك، وأنزلت عليك كتاباً لا يغسِلُهُ الماءُ، تقرَؤهُ نائماً ويقظان " (٢) فالقرآن محفوظ.


(١) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّوويّ " (م ٩/ج ١٧/ص ١٥٨) كتاب صفة القيامة.
(٢) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّوويّ " (م ٩/ج ١٧/ص ١٩٧) كتاب الجنّة وصفة نعيمها.

<<  <   >  >>