للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثّاني

صاحب الأجر وصاحب الأجرين

{وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (٣٨)} [الأحزاب]

عُذْرُ معاوية في التّعجيل وعذر عليّ في التّأخير

ماذا جرى في صفّين؟ وعَلامَ اختلف معاوية وعليّ؟ وهل سبب الاختلاف يجيز الاقتتال؟ وكم دام هذا الاقتتال؟ وكم كان عدد القتلى؟ وما أحقيّة معاوية في الطّلب بدم عثمان؟ وأيّ الفريقين كان معه الحقّ؟

هذه الأسئلة وغيرها عزّت إجاباتها الدّقيقة على كثير من النّاس؛ لندرة وتفرّق أخبارها الصّحيحة في كُتُب التّاريخ والتّراجم والسّير والمتون والتّخريج والعلل والسؤالات والشّروح والفقه والتّراجم والطّبقات والبلدان والأنساب ... ولا أدّعي أنّني أحطتُ بما لم يُحط به أحد من الباحثين، وإنّما هو ما تيسّر من التّقدير وتقدّر من التّيسير، والفضل كلّه لله تعالى الّذي نسأله أن يهدينا لما اختلف فيه النّاس من الحقّ بإذنه، {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٦)} [النّور].

أمّا ما جرى في صفّين، فقد جرى بين فريقين مُتَأوّلين مجتهدين: فريق معاوية ـ رضي الله عنه ـ صاحب الأجر، وفريق علي ـ رضي الله عنه ـ صاحب الأجرين.

وكان معاوية يطلب بدم ابن عمه عثمان ـ رضي الله عنه ـ، وينكر على عليّ ـ منعه من اقتضاء حقّه من قتلة عثمان، والتّعجيل في تعقّبهم والاقتصاص منهم؛ إقامة لحدود الله لا سيّما أنّ له شوكة عليهم.

وكان عليّ يرى أنّ إقامة القصاص على قتلة عثمان ـ رضي الله عنه ـ وعلى مَنْ مَالأَ على دمه حقّ واجب، لكنّ أخذ البيعة من معاوية مُقَدَّمٌ عليه لا سيّما وأنّه عامل على بلاد الشّام

<<  <   >  >>