للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله أن يكون، ثمّ يرفعُها إذا شاء أن يرفعها، ثمّ تكون مُلْكاً جبريّة فتكون ما شاء الله أن تكون ثمّ يرفعها إذا شاء أن يرفعَها، ثمّ تكون خلافة على منهاج النُّبوَّة" (١).

فالجواب: أنّ الملك العاضّ ليس المراد به الملك العاضّ على الإمارة والحريص عليها كما فهم البعض، وإنّما هو الملك العاضُّ على الكتاب والسُّنَّة المتمسّك بهما، فهو وصف مدح لا وصف ذمّ وقَدْح.

دعوى أنّ معاوية كان من المسرفين

كلّ ما يُتَعَلّق به على معاوية لا يصحُّ، ومن ذلك قولهم السَّقيم ورأيهم غير المستقيم بأنَّ معاوية كان من المبذّرين المسرفين ... وهذه الدّعوى يردّها ما أخرجه أحمد في " كتاب الزّهد " عن عليّ بن أبي حملة، عن أبيه، قال: " رأيتُ معاوية على المنبر بدمشقَ يخطب النّاسَ وعليه قميص مرقوع " (٢) ولولا أنّه ـ رضي الله عنه ـ كان رأساً في الزُّهد ما ذكره أحمد في كتاب الزُّهد {فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (٧٨)} [النّساء].

وعليّ ـ رضي الله عنه ـ كان زاهداً أيضاً، أخرج أحمد بسند صحيح عن عمرو بن قيس، قال: " رُئيَ على عليّ ثوبٌ مرقوع، فعُوتِبَ في لباسه، فقال: يقتدي المؤمن ويخشع القلب" (٣).

فمعاوية أو عليّ ـ رضي الله عنهما ـ كانا طالبي دِيْن لا دنيا فانية، وإذا كانت لمعاوية هفوات، فنحن لا نعتقد العصمة لأحد بعد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهفواته إن وجدت فهي مغمورة في بحر فضائله ومحيط مناقبه.


(١) أحمد " المسند " (ج ١٤/ص ١٦٣/رقم ١٨٣١٩) وهو في " مجمع الزّوائد " (ج ٥/ص ١٨٨) وقال الهيثمي: رواه أحمد والبزّار والطّبراني، ورجاله ثقات.
(٢) أحمد " كتاب الزّهد " (ص ١٧٢) وأبو بكر الخلاّل " السّنّة " (ج ٢/ص ٤٣٩/ص ٦٧٣).
(٣) أحمد " كتاب الفضائل " (م ١/ص ٥٤٩/رقم ٩٢٣).

<<  <   >  >>