هذا نصّ صريح في أنّ الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر، وأنّ كلّ من تَنَقَّصَ النَّبيَّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ جادّاً أو هازلاً فقد كفر! {يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٣٠)} [يس].
فحلفوا بالله كاذبين أنّهم ما استهزؤوا بالنَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، قال تعالى:{يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا} ما بلغك عنهم {وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ} والآية تشعر أنّ الكلمة الواحدة في هجاء النَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ موجبة للكفر! {وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ... (٧٤)} [التوبة] من الفتك بالنَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ليلة العقبة عند عودته من تبوك {فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (٧٤)} [التوبة].
وقد ترك النَّبيُّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ هؤلاء المنافقين ولم يجازهم ولم يُقِمْ عليهم الحَدُّ لقوله تعالى: {وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ ... ... (٤٨)} [الأحزاب]، فلم يكن أُمِر بجهاد المنافقين بعد.
قلت: وليحذر المستهزئون في كلّ زمان ومكان {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)} [النور]، فالله تعالى يقول: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥)} [الحجر].
الحكم فيمن سَبَّ النَّبيَّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ
هذه حكاية أمّ ولد لرجل كان أعمى، كانت تَشْتُم النَّبيَّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، فكان يزْجُرُها فلا تَنْزَجِر، وينهاها فلا تنتهي، فقتلها، فذهب دمها هدراً، أخرج النّسائي بإسناد صحيح عن عثمان الشَّحَّام، قال: كنْتُ أقودُ رجلاً أعمى، فانتهيتُ إلى عكرمة فأنشأ يحدّثُنا، قال: حدّثني ابنُ عبّاس:
" أنّ أعمى كان على عهد رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، وكانت له أمّ ولدٍ، وكان له منها ابنان، وكانت تُكثرُ الوقيعة برسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وتسُبُّه، فيزْجُرُها فلا تنْزَجر، وينهاها فلا تنتهي، فلمّا