للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسل الجارية تصدقك " (١).

وهذا الخبر رواه الشّيخان عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ وليس فيه ما يشير من قريب أو بعيد إلى أنّها كرهت ذلك من عليّ ـ رضي الله عنه ـ! وإذا كان هذا ما أخرجها إلى البصرة، فما الّذي أخرج من كان معها؟! فهذا كلام يُرَادُ به النَّيل من الصّحابة أنّهم يوافقونها على الخطأ، ويطعن في سلامة قلوبهم ونقاء سريرتهم، ونحن نعلم أنّ طهارة قلوب الصّحابة نَصَّ عليها القرآن الكريم، قال تعالى: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ... (١٨)} [الفتح]. وقال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٣)} [الحجرات] وقال تعالى: {أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ... (٢٢)} [المجادلة].

عدد من خرج إلى البصرة وعِلْمُ عليّ بخبرهم

أخرج الطّبريّ روايتين متضاربتين في تعيين عدد من خرج إلى البصرة من طريقين لا تقوم بهما حجّة، الرّواية الأولى من طريق سيف عن أشياخه، وفيها أنَّ عدد من خرج ستمائة، ولَحِقَ بهم من لحق حتّى صاروا ألفاً، وفيها أنّ أمّ الفضل بعثت برسالة مع رجل يُدعى ظفرا تخبر عليّا بخبرهم، فقد أخرج الطّبريّ عن سيف عن محمّد وطلحة، قالا:

" ... فحملوا ستمائة رجل على ستمائة ناقة سوى من كان له مركب، وكانوا جميعاً ألفاً ... وبعثت أمّ الفضل بنت الحارث رَجُلاً من جهينة يُدْعى ظفرا فاستأجرته على أن يطوي ويأتي بكتابها فقدم على عليّ بكتاب أمّ الفضل بالخبر " (٢).

وهذه الرّواية باطلة سنداً ومتناً، ومدار بطلان سندها على سيف (٣)، فهو ضعيف وقد


(١) البخاري " صحيح البخاري " (م ٣/ج ٥/ص ٥٧) كتاب المغازي، ومسلم " صحيح مسلم بشرح النّووي " (م ٩/ج ١٧/ص ١٠٨) كتاب التّوبة.
(٢) الطّبري " تاريخ الأمم والملوك " (ج ٣/ص ٤٧٠).
(٣) قال الحافظ: سيف بن عمر التميمي، صاحب كتاب الرّدة، ويقال الضّبي، ضعيف الحديث، عمدة في التّاريخ، أفحش ابن حبّان القول فيه " تقريب التّهذيب " (ص ٢٦٢/رقم ٢٧٢٤).

<<  <   >  >>