للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهي تريد الإصلاح والدّعوة إلى الوقوف مع عليّ في وجه الفئة الباغية على عثمان ـ رضي الله عنه ـ.

وفي " كتاب الثّقات " ما يشير إلى نيّتها ـ رضي الله عنها ـ فقد ذكر أنّ زيد بن صوحان قدم من عند عائشة معه كتابان من عائشة إلى أبي موسى والي الكوفة، وإذا في كلّ كتاب: "بسم الله الرّحمن الرّحيم ـ من عائشة أمّ المؤمنين إلى عبد الله بن قيس الأشعري ـ سلام عليك، فإنّي أحمد إليك الله الّذي لا إله إلاّ هو، أمّا بعد: فإنّه قد كان من قتل عثمان ما قد علمتَ، وقد خرجتُ مصلحةً بين النّاس، فمُر مَنْ قبلك بالقرار في منازلهم والرّضا بالعافية حتّى يأتيهم ما يحبّون من صلاح أمر المسلمين، فإنّ قتلة عثمان فارقوا الجماعة وأحلّوا بأنفسهم دار البوار " (١).

فلم يكن بنيّة عائشة ـ رضي الله عنها ـ ومن معها ملاحقة قتلة عثمان ومحاسبتهم؛ فليس من المعقول أن يغيب عن أذهان هؤلاء الصّحابة الأجلاّء مع سابقتهم وفضلهم أن يقاتلوا قتلة عثمان ـ رضي الله عنه ـ ولهم خليفة ولا يرجعون إليه! فغاية قصدها ـ رضي الله عنها ـ ومن معها الإصلاح بين النّاس، وسيأتي قريباً في حديث الحوأب الصّحيح ما يقطع بذلك.

فليتّق الله أقوام يُصَوِّرون عائشة ـ رضي الله عنها ـ تقود جيشاً فيه كبار الصّحابة لمقاتلة عليّ والتّحريض عليه؛ فالنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لم يأذن للنّساء بقيادة الجيوش! وهذا الكلام يسوقونه لتخطئة عائشة ومن كان معها من الصّحابة، والجرح بمن يصوّر ذلك أولى.

وليتّق الله أقوام يتّهمون عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنّه كان في نفسها شيء على عليّ ـ رضي الله عنه ـ لموقفه من حادثة الإفك، ذلك أن عليّا ـ رضي الله عنه ـ لمَّا استشاره النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في فراق أهله قال ـ رضي الله عنه ـ: " يا رسول الله، لمْ يضيّق اللهُ عليك والنّساء سواها كثير،


(١) أبو حاتم " كتاب الثّقات " (ج ٢/ص ٢٨٢).

<<  <   >  >>