للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعض، وسبق ذلك من الله كما سبق في الأمم قبلهم، فسألته أن يوليني يوم القيامة شفاعة فيهم، ففعل " (١).

والمعنى أنّ الله تعالى أَطْلَع نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - على ما ينوبُ أُمَّته بعده من نوائب وفتن ونواكب، وأنّه مع كلّ ذلك شافعٌ مشفَّع فيهم. فإذا كان الله سيولّيه شفاعة في أمّته، فما ظنّك بخير هذه الأمّة أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ!

أقوال بعض التّابعين فيما شَجَرَ بين الصّحابة

قال تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٤)} [البقرة] من هداية الآية الكريمة أنَّ الأمم السَّابقة الّتي مضت إلى الدَّار الآخرة لها أعمالها ولنا أعمالنا، وسنَّة الله أنْ يُسْألَ كلٌّ عن عمله لا عن عمل غيره، ولذلك لا ينبغي لأحد من التَّابعين إذا سُئِل عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المشهود لهم بالخيريَّة في القرآن والسُّنَّة أن يقول فيهم إلاّ خيراً.

قال يزيد بن بشر: " سُئل عمر بن عبد العزيز عن عليّ وعثمان والجمل وصفّين وما كان بينهم؟ فقال: تلك دماء كفَّ الله يدي عنها، وأنا أكره أن أغمس لساني فيها " (٢).

وسُئل ابن المبارك عن معاوية، فقال: " ما أقول في رجل قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سمع الله لمن حمده، فقال خَلْفَهُ: رَبَّنا ولك الحمد " (٣).

وقيل لأحمد بن حنبل ما تقول فيما كان بين عليّ ومعاوية؟ فقال أبو عبد الله: " ما أقول فيهم إلاّ الحسنى " (٤).


(١) الحاكم " المستدرك " (ج ١/ص ٦٨) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه ووافقه الّذهبي.
(٢) ابن سعد " الطّبقات الكبرى " (م ٥/ص ٣٩٤) و " الحجّة " (ج ٢/ص ٥٦٣).
(٣) ابن كثير " البداية والنّهاية " (ج ٨/ص ١٣٩).
(٤) ابن الجوزي " مناقب الإمام أحمد " (ص ١٦٤) وأبو بكر الخلاّل " السّنّة " (ج ٢/ص ٤٦٠/رقم ٧١٣). وقال المحقّق: إسناده صحيح.

<<  <   >  >>