للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذُكرَ لأحمد بن حنبل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: " رحمهم اللهُ أجمعين! ومعاوية وعمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري والمغيرة كلّهم وصفهم الله تعالى في كتابه، فقال: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ... (٢٩)} [الفتح] " (١).

وقال ابن كثير: " وأمّا ما شجر بينهم بعده ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ، فمنه ما وقع عن غير قصد، كيوم الجمل، ومنه ما كان عن اجتهاد كيوم صفّين. والاجتهاد يخطئ ويصيب، ولكن صاحبه معذور وإن أخطأ، ومأجور أيضاً، وأمّا المصيب فله أجران اثنان، وكان عليّ وأصحابه أقرب إلى الحقّ من معاوية وأصحابه ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ " (٢).

وقال ابن حجر: " واتَّفق أهل السُّنَّة على وجوب منع الطّعن على أحد من الصّحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك ولو عُرِف المحقُّ منهم؛ لأنّهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلاّ عن اجتهاد، وقد عفا الله عن المخطئ في الاجتهاد، بل ثبت أنّه يؤجر أجراً واحداً، وأنّ المصيب يؤجر أجرين " (٣).

وقال أبو زرعة: " إذا رأيتَ الرّجل ينتقصُ أحداً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاعلم أنّه زنديق، وذلك أنّ الرّسول - صلى الله عليه وسلم - عندنا حقّ، والقرآن حقّ، وإنّما أدّى إلينا هذا القرآن والسّنن أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنّما يريدون أن يجرحوا شهودنا؛ ليبطلوا الكتاب والسّنّة، والجرحُ بهم أولى، وهم زنادقة" (٤).

وقال رجل لأبي زرعة: " يا أبا زُرْعة، أنا أبغض مُعاوية، قال: لمَ؟ قال: لأنّه قاتل عليّ بن أبي طالب، قال: فقال له: إنَّ ربَّ معاوية ربٌّ رحيم، وخصم معاوية خصم كريم،


(١) ابن الجوزي " مناقب الإمام أحمد " (ص ١٦٤).
(٢) ابن كثير " الباعث الحثيث " (ص ١٦٧).
(٣) ابن حجر " فتح الباري " (ج ١٣/ص ٢٨).
(٤) الخطيب البغداديّ " كتاب الكفاية " (ص ٤٩)

<<  <   >  >>