إلى عظيم بصرى، فلمَّا نزل مؤتة عرض له شرحبيل بن عمرو الغساني فأوثقه، ثمَّ قدَّمه، فضرب عنقه ...
ولو سلّمنا أنّ الإسلام انتشر في عهد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالسّيف ـ والأمر ليس كذلك ـ فلماذا ينتشر الآن في أصقاع الأرض دون سيف؟! ولكن الحقيقة كما قال الله تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ... (٣٠)} [الرّوم].
فالله خلق الإنسان قابلاً للإقرار بالله ومعرفته والإيمان به وتوحيده، قال تعالى: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ... (٣٠)} [الرّوم] واللَّفظ ظاهِرُه النّفي والمراد النّهي، أي لا تبدّلوا خلْقَ الله، فالآية وإن كانت خبريّة لفظاً، فهي إنشائيّة معنى، وذلك مثل قوله تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١)} [المائدة] والمعنى: انتهوا. ثمّ قال الله تعالى: {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٠)} [الرّوم].
ثمَّ إنَّ الإسلام لا يعتدُّ بإيمان من آمن كرهاً ولم يؤمن طوعاً، يقول تعالى مخبراً عن قيل فرعون حين أشفى على الهلاك وأيقن بالموت غرقاً: {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠)} [يونس] فلم يقبل الله تعالى إيمانه، وقال: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١)} [يونس].
فمثل هذا الإيمان لا يقبله الله تعالى، ولذلك أخبر الله تعالى عن قوْمٍ مكذّبين آمنوا بعد نزول العذاب: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤)} [غافر] فلم يعتبر الله إيمانهم، وقال: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ... (٨٥)} [غافر].
دعوى النّهي عن كتابة الحديث، وأن لا كتاب مع كتاب الله!
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تكتبوا عنّي ومن كتب عنّي غير القرآن فَلْيَمْحُهُ وحدِّثوا