ـ رضي الله عنها ـ، وأحد كتَّاب الوحي، وأحد العشرة المبشرين بالجنّة، وأحد السِّتَّة أصحاب الشّورى، ورابع الخلفاء الرّاشدين ـ رضي الله عنهم جميعاً ـ.
معاوية ـ رضي الله عنه ـ نُبَذ من مآثره وغُرَر من فضائله
معاوية بن أبي سفيان: صخر بن حرب بن أميّة بن عبد شمس، أسلم قبل الفتح، وأسلم أبوه بعده، وولي أمرة دمشق عن عُمَرَ بعد موت أخيه يزيد بن أبي سفيان سنة تسع عشرة، واستمرّ عليها بعد ذلك، فقد أقرّه عثمان ـ رضي الله عنه ـ، وحسبك بمن يؤمّره عمر ويقرّه عثمان! وظلّ عليها زمان خلافة عَليٍّ ـ رضي الله عنه ـ، ثمّ اجتمع عليه النّاس في سنة إحدى وأربعين إلى أن مات سنة ستين، وكان مُلْكُه على الحرمين ومصر والشّام، والعراق، وخراسان، وفارس، والجزيرة، واليمن، والمغرب ... فَحَكَمَ العربَ والعجم، ودام حكمه بين إمارة وخلافة أكثر من أربعين سنة متّصلة، وعاش قرابة نصف قرن في خدمة الإسلام وأهله.
وهو أقرب النّاس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسباً بعد بني هاشم، فهو يلتقي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عبد مناف.
ويكفي معاوية ـ رضي الله عنه ـ أنّه فاز بشرف صحبة النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وروى عنه الحديث الشّريف، وكتب له الوحي فكان أميناً على خبر السّماء، أخرج مسلم عن أبي زُمَيل، وهو سماك بن الوليد، عن ابن عبّاس، قال:
" كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان، ولا يُقاعدونه، فقال للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثلاثٌ أَعْطِنِيهِنَّ، قال: نعم، قال: عندي أحسنُ العرب وأجملُهُ أمُّ حبيبةَ بنتُ أبي سفيان أُزَوّجُكها، قال: نعم، قال: ومعاويةُ تجْعَلُهُ كاتباً بين يديك، قال نعم، قال: وتُؤَمِّرُني حتّى أُقاتِلَ الكفّارَ كما كنتُ أُقاتلُ المسلمين، قال: نعم. قال أبو زميل: ولولا أنّه طلب ذلك من النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ما أعطاه ذلك لأنّه لم يكن يُسْألُ شيئاً إلاّ قال نعم "(١).
(١) مسلم "صحيح مسلم بشرح النّوويّ " (م ٨/ج ١٦/ص ٦٢) كتاب فضائل الصّحابة ـ رضي الله عنهم ـ.