للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن لا بُدَّ من عقبات وكبوات، ولا بُدَّ من تنغيص وتمحيص، ولا بدّ من بأساء وضرّاء: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (٢١٤)} [البقرة].

ومتى كانت هذه الأمّة على ما كان عليه النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - من نُصْرةٍ لدين الله تحقّق لها وَعْدُ الله بالنّصر: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (٧)} [محمّد].

دعوى أنَّ الحجّ أشبه بالوثنيَّة

قالوا: يطوف المسلمون حول حَجَر، ويسعون بين حجرين، ويصعدون إلى عرفة فيقعدون على حَجَر، ثمّ يفيضون إلى مزدلفة فيلتقطون حجارة ليضربوا في مِنَى حجراً بحجر، قالوا: والأغرب أنّهم يقبِّلون حجراً ويضربون حجراً آخر! وهذا كلّه أشبه بالوثنيَّة.

هذه الشّبهة سمعتها أوّل مرّة في صعيد عرفات من أحد الفضلاء، ولم أسمع الإجابة عنها، فطاش عقلي؛ كيف خطرت هذه الشُّبهة على بال شياطين الإنس!

ونقض هذه الأضاليل لا يحتاج إلى جهد جهيد أو عناء مُعَنَّى، فالله تعالى فرض علينا الحجّ في العمر مرَّة، وقد ثبتت فرضيته في الكتاب والسُّنَّة وإجماع الأمَّة: أمَّا الكتاب، فقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ (٩٧)} بالله وبما فرضه من الحجَّ {فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (٩٧)} [آل عمران] ومن السُّنَّة، قوله - صلى الله عليه وسلم -: " قد فَرَضَ الله عليكم الحجَّ فحُجُّوا " (١) وقوله - صلى الله عليه وسلم - " بني الإسلام على خمس: شهادةِ أنْ لا إله إلاّ الله وأنَّ محمَّداً عبْده ورسوله، وإقام الصَّلاة، وإيتاء الزَّكاة، وحجِّ البيت، وصوم رمضان " (٢).


(١) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّووي " (م ٥/ج ٩/ص ١٠٠) كتاب الحجّ.
(٢) مسلم " صحيح مسلم بشرح النَّوويّ " (م ١/ج ١/ص ١٧٧) كتاب الإيمان. والبخاري " صحيح البخاري " (م ١/ج ١/ص ٨) كتاب الإيمان.

<<  <   >  >>