للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على مثلك " (١).

ولا يستبعد أنّه قُتِل في حادثة الجمل بعض من يُتَّهم في دم عثمان ـ رضي الله عنه ـ وممّن أعان عليه ومالأ على دمه، فقد أخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح عن أبي حفص، قال: " سمع عليّ يوم الجمل صوتاً تلقاء أمّ المؤمنين، فقال: انظروا ما يقولون، فرجعوا فقالوا: يهتفون بقتلة عثمان، فقال: اللهمّ احلل بقتلة عثمان خزياً " (٢) فمن دعائهم وسُؤاله أن يخزهم الله في هذا اليوم بالقتل يفهم أنّ كلا الطّرفين ليس عنده أدنى شكّ في أنّ قتلة عثمان ـ رضي الله عنه ـ هم الّذين أنشبوا القتال، وأنّهم وراء كلّ شرّ وبلاء، وأنّهم اختلطوا في الفريقين.

وهذا الحدث الجَلَل يُسْتَفادُ منه الحذر من الأيدي الخفيّة التي كانت وما زالت توقع بين المسلمين، والحذر من الألسن والأقلام الّتي تثير الحفائظ، وتُوغِر الصُّدور!

الرَّدُ على من احتجَّ على خروج عائشة بقوله تعالى:

{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ... (٣٣)} [الأحزاب]

ولمّا ظهر عليّ ـ رضي الله عنه ـ جاء إلى عائشة ـ رضي الله عنها ـ، فقال: " غفر اللهُ لك، قالت: ولك، ما أردْتُ إلاّ الإصلاح " (٣).

وأخرج عبد الرّزاق في المصنّف بسند منقطع قول عائشة ـ رضي الله عنها ـ: " إنّما أريد أن يحجز بين النّاس مكاني، قالت: ولم أحسب أن يكون بين النّاس قتال، ولو علمْتُ ذلك لم أقِفْ ذلك الموقف أبداً " (٤) أي كانت تعتقد أن مكانتها تكون حاجزاً بين النّاس من


(١) ابن خلدون " المقدّمة " (ص ٢١١) وشبيه بذلك قول عبد الملك بن مروان:" أنصفونا يا معشر الرَّعيّة، تريدون منّا سيرة أبي بكر وعمر! ولا تسيرون فينا ولا في أنفسكم بسيرة رعيّة أبي بكر وعمر " ابن قتيبة " عيون الأخبار " (م ١/ص ٦٢).
(٢) ابن أبي شيبة " مصنّف ابن أبي شيبة " (ج ١٥/ص ٢٧٧/رقم ١٩٦٥٦).
(٣) ابن عماد " شذرات الذّهب " (ج ١/ص ٢٠٦).
(٤) الصّنعاني " المصنّف " (ج ٥/ص ٤٥٧/رقم ٩٧٧٠).

<<  <   >  >>