للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قتلوا خليفة المسلمين عثمان ـ رضي الله عنه ـ!

وقد وردت أخبار كثيرة في حرصهم على قتل عائشة ـ رضي الله عنها ـ ودفاع من كان معها عنها، منها ما أورده ابن حجر في " الفتح " عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أَيَّتُكُنَّ صاحبة الجمل الأدبب تخرج حتّى تنبحها كلاب الحوأب يقتل عن يمينها وعن شمالها قتلى كثيرة، وتنجو بعدما كادت " (١).

وهؤلاء القتلة لا أحسبهم إلاّ جماعة من المنافقين، فقد وَصَفَهم النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فقد أخرج ابن ماجه حديثاً صحيحاً عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يا عثمان، إن ولاّك الله هذا الأمر يوماً، فأرادكَ المنافقون أن تَخْلعَ قميصك الّذي قمّصك الله، فلا تخْلعه " (٢).

وأخرج نحوه أحمد بسند صحيح عن عائشة أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " يا عثمان، إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ عسى أن يُلْبِسَكَ قميصاً، فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتّى تلقاني " (٣).

وهؤلاء المنافقون حَرَّكَتْهُم أَيْدٍ خبيثة؛ فالّذين كانوا يضمرون الشَّرَّ للإسلام وأهله يومها كانوا كَثْرةً كاثرة من أهل الكتاب، والمرتدين، والأكاسرة والأباطرة، والكفّار، فضلاً عن حديثي العهد بالإسلام ممّن يسهل استمالتهم، فقد كثُر في ذلك العهد من لم يصحب النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وفُقِد من عرفَ فضل الصّحابة ـ رضي الله عنهم ـ! فأمسى النّاس أسرع إلى الاختلاف، وقد سَألَ رجلٌ عليّ بن أبي طالب ذات مرّة: " ما بال المسلمين اختلفوا عليك ولم يختلفوا على أبي بكر وعمر؟! فقال: لأنّ أبا بكر وعمر كانا واليين على مثلي، وأنا اليوم والٍ


(١) ابن حجر " فتح الباري " (ج ١٣/ص ٤٥) وقال ابن حجر: رواه البزّار ورجاله ثقات. وأورده الهيثمي في " مجمع الزّوائد " (ج ٧/ص ٢٣٤) وقال: رواه البزّار ورجاله ثقات.
(٢) ابن ماجة " صحيح سنن ابن ماجة " (م ١/ص ٢٠٥/رقم ٩٠ ـ ١١٢) الألباني، وقال: صحيح.
(٣) أحمد " المسند " (ج ١٧/ص ٣٦٩/رقم ٢٤٤٤٧) والمراد بالقميص الخلافة.

<<  <   >  >>