في البحث والدّراسة والتَّنقيب؛ بياناً للحق وكشفاً للزيغ والبطلان، وأيُّ عمل أشرف وأنبل مقصداً من ردِّ الشُّبهات، الّتي ظنَّ قائلوها بأنَّهم قد ظفروا بما يحقّق مبتغاهم ممّا أوحت به إليهم شياطينهم؟! لقد جاء هذا الكتاب بسهام مسدَّدة فأصابتهم في مقتل، وأغنت الكثيرين من عناء البحث والتنقيب عن الإجابات الشَّافية الوافية عن تلكم الشُّبهات وردّ الرّوايات المكذوبة والضَّعيفة بأسلوبٍ علميّ لا يختلفُ عليه اثنان من أهل العلم الّذين يبحثون عن الحقيقة.
لقد ناقش الباحث الفتنة التي ثارت زمن الصَّحابة بما عُرف بمعركة الجمل ومعركة صفين، كما ذكر طرفاً من سير الصَّحابة الّذين أُثيرت حولهم بعض الشّبهات، وبيَّن فضلهم وما ورد فيهم من أحاديث صحيحة توجبُ على كلِّ مسلمٍ أن يكفَّ لسانه عن الولوغ في أعراضهم أو التَّشكيك في عدالتهم.
ولم يكتفِ الباحثُ بهذا وإنما تناولَ في كتابه طرفاً من سيرة المصطفى ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ووجوب محبَّته وآل بيته ومحبَّة أصحابه من المهاجرينَ والأنصار وجعلها في أول كتابه تيمناً وبركة، كما تناول في كتابه حُكْمَ من آذى رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ أو استهزأ به أو سبَّه، أو استهزأ بصحابته الكرام، ثم ذكر طرفاً ممَّا نال النَّبيَّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ من أذى المشركين والمنافقين تمهيداً للحديث عمّا تعرض إليه النبيُّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ من الأذى والاستهزاء في زماننا من الكفَّار والمنافقين، وكلُّ هذا لا يُنقص من قدره ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، وإنَّما يزيده تشريفاً وتكريماً، وعرَّج الباحث على ما ينبغي للأنبياء من العصمة وأجاب عن كثيرٍ من الشُّبهات التي أثارها المستشرقون ممَّا أوقعهم في وهْمٍ ينافي عصمة الأنبياء عامَّة وسيِّدنا محمّد ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ خاصَّة.
لقد طوَّف بنا الباحثُ في ميادينَ كثيرة جمعها في سلكٍ واحد سمَّاه " وأد الفتنة: دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفّين على منهج المحدِّثين " في ثوب قشيبٍ من اللغة العذبة وحسن البيان وعدم وعورة الألفاظ.
وجاءت هذه الدِّراسة في زمن أحوج ما يكون القارئ والشَّباب المسلم إليه؛ حرصاً على جمعِ الكلمة ونبذ الفرقة والتَّعصب وتمسُّكاً بالكتابِ الكريم والسُّنَّة المطهَّرة، فجزى