للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليّاً ولا معاوية ولا حتّى يزيد، وإنّما المراد فتنة ابن الزّبير عام نزول الحجّاج به في أواخر سنة ثلاث وسبعين من الهجرة، وصفّين حدثت في السّابع والثّلاثين من الهجرة، وابن عمر خطابه مُوجَّهٌ لِغَير الصَّحابة.

ومن تتبّع طرائق الحديث عرف مناسبته ومعناه والمراد منه، فقد أخرج البخاري عن نافع، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: " أتاه رجلان في فتنة ابن الزُّبير، فقالا: إنَّ النَّاس صنعوا، وأنت ابن عمر وصاحب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فما يمنعُكَ أن تخْرُجَ؟ فقال: يمْنَعُني أنَّ الله حرَّم دمَ أخي، فقالا: ألم يَقُل اللهُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ ... (٣٩)} [الأنفال] فقال: قاتلنا حتّى لم تكن فتنة وكان الدّين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتّى تكون فتنة ويكون الدّين لغير الله " (١).

ومنهم أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ، فهو أحد رواة أحاديث القعود في الفتن كما تقدّم. وممّن روى أحاديث القعود في الفتن واعتزل أبو موسى الأشعري، فقد أخرج أحمد بإسناد صحيح عن أبي موسى عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: " كسِّروا قِسِيَّكم، وقطّعوا أوتاركم ـ يعني في الفتنة ـ، والزموا أجوافَ البيوت، وكونوا فيها كالخيِّر من ابني آدم " (٢).

وممّن اعتزل أبو مسعود، وهو عقبة بن عمرو الأنصاريّ، فقد روى البخاري عن عمرو أنّه سمع أبا وائل يقول: " دخل أبو موسى وأبو مسعود على عمّار حيث بعثه عليّ إلى أهل الكوفة يستنفرهم، فقالا: ما رأيناك أتيتَ أمراً أكره عندنا من إسراعك في هذا الأمر منذ أَسْلَمتَ، فقال عمّار: ما رأيتُ منكما منذ أسلمتما أمراً أكره عندي من إبطائكما عن هذا الأمر، وكساهما حلّة حلّة ثمّ راحوا إلى المسجد " (٣).


(١) البخاري " صحيح البخاري " (م ٣/ج ٥/ص ١٥٧) كتاب تفسير القرآن.
(٢) أحمد " المسند " (ج ١٤/ص ٥٤١/رقم ١٩٥٥١) ورواه التّرمذي وحسّنه في " الجامع الكبير " (م ٤/ص ٦٧/رقم ٢٢٠٤) وقال: هذا حديث حسن غريب.
(٣) البخاري " صحيح البخاري " (م ٤/ج ٨/ ص ٩٨) كتاب الفتن.

<<  <   >  >>