للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن أين يذهب هؤلاء من قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: " ثَكِلتكَ أمُّكَ؛ وهل يَكُبُّ النّاسَ على مناخرهم في جهنَّم إلاّ حصائدُ ألسنتهم " (١).

ومن ذا الّذي يستطيع أن يقْدحَ في عمرو بن العاص بعد أن أثنى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: " أسلم النّاسُ وآمن عمرو بن العاص " (٢) وقال - صلى الله عليه وسلم -: " نِعْمَ أهل البيت أبو عبد الله، وأمّ عبد الله، وعبد الله " (٣).

وفي " المسند " عن عمرو بن العاص، قال: كان فَزَعٌ بالمدينة، فأتيْتُ على سالم مولى أبي حذيفة وهو مُحْتبٍ بحمائل سيْفه، فأخذْتُ سيْفاً فاحتبيْتُ بحمائله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يا أيُّها النّاسُ، ألا كانَ مفْزَعُكم إلى الله وإلى رسوله، ثمّ قال: ألا فعَلتُم كما فعل هذان الرّجلان المؤمنان " (٤) فعبّر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الّذي لا ينطق عن الهوى عن رضاه على عمرو بن العاص، وشهد له بالإيمان! فكيف نطعن فيمن يثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويشهد له بالإيمان؟!

ولمّا حضرت عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ الوفاة دخل عليه ابنه عبد الله مع نفر من الصّحابة وهو في النّزع الأخير، فلمّا رآهم حوّل وجهه إلى الجدار وأخذ بالبكاء، أخرج مسلم عن ابن شُمَاسَة المَهريّ، قال:


(١) أحمد بسند صحيح عن معاذ " المسند " (ج ١٦/ص ١٨٣/رقم ٢١٩٦٢) وهو في " المسند " (ج ١٦/ص ١٦٧/رقم ٢١٩١٥) فما وقع بين الصّحابة ـ رضي الله عنهم ـ اللسان فيه أشدّ من السّيف!
(٢) أخرجه أحمد بإسناد حسن عن عقبة بن عامر " المسند " (ج ١٣/ص ٣٦٥/رقم ١٧٣٤٤) وهو عند التّرمذي في " الجامع الكبير " (م ٦/ص ١٥٨/رقم ٣٨٤٤) وقال: ليس إسناده بالقويّ. ولكن حسّنه الألباني في " صحيح سنن التّرمذيّ " (ج ٣/ص ٢٣٦/رقم ٣٠٢٠).
(٣) أحمد بإسناد حسن عن عقبة بن عامر " المسند " (ج ١٣/ص ٣٥١/رقم ١٧٢٩٣).
(٤) أحمد " المسند " (ج ١٣/ص ٥٠٦/رقم ١٧٧٣٧) وهو في مجمع الزّوائد " (ج ٩/ص ٣٠٠) وقال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصّحيح.

<<  <   >  >>