للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحسين جاءه وهو يسوق (١) فقال: " أي أخي، أنبئني من سقاك؟! قال: لمَ؟ لتقتله؟ قال: نعم. قال: ما أنا مُحَدّثُكَ شيئاً، إن يكن صاحبي الّذي أظنُّ، فالله أشدُّ نقمةً، وإلاّ فوالله لا يُقْتَل بي بريء " (٢).

وعن قتادة: " قال الحسن للحسين: قد سُقيتُ السُّمَّ غير مرّة، ولم أُسْقَ مثل هذه، إنّي لأضعُ كبدي، فقال: مَنْ فعله؟ فأبى أن يُخبره " (٣).

وأظهر ما يردُّ هذه الدَّعوى ما رواه المدائني: " أنّ عبد الله بن عبّاس وفد إلى معاوية، فأمر معاوية ابنه يزيد أن يأتيه فيعزّيه في الحسن بن عليّ، فلمّا دخل على ابن عبّاس رحّب به وأكرمه، وجلس عنده بين يديه، فأراد ابن عبّاس أن يرفع مجلسه فأبى، وقال: إنّما أجلس مجلس المعزّي لا المهنّي، ثمّ ذكر الحسن، فقال: رحم الله أبا محمّد أوسع الرّحمة وأفسحها، وأعظم اللهُ أجْرَكَ وأحسَنَ عزاءك، وعوّضك من مصابك ما هو خيرٌ لكَ ثواباً وخير عقبى. فلمّا نهض يَزِيدُ من عنده، قال ابن عبّاس: إذا ذهب بنو حرب ذهبَ علماءُ النّاس " (٤).

وقد توفيّ الحسن ـ رضي الله عنه ـ في عهد معاوية، قال البخاريّ: " توفيّ الحسن بن عليّ بعد ما مضى من إمارة معاوية عشرُ سنين " (٥).

أمّا اتّهام يزيد بدم الحسين، فباطل من وجوه، أظهرها ما رواه البخاري عن عبد الله ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال لرجل من أهل العراق يسأله عن مُحْرِمٍ قتل ذباباً ماذا يلزمه؟ فقال ـ رضي الله عنه ـ: " أهلُ العراق يسْألونَ عن الذّباب! وقد قَتَلوا ابنَ ابنة رسول الله


(١) يسوق: أي في النّزع الأخير.
(٢) الذّهبي " سير أعلام النّبلاء " (ج ٣/ص ٢٧٣).
(٣) الذّهبي " سير أعلام النّبلاء " (ج ٣/ص ٢٧٤).
(٤) ابن كثير: " البداية والنّهاية " (ج ٨/ص ٢٢٨).
(٥) البخاري " كتاب التّاريخ الكبير " (م ٢/ص ٢٦٧/رقم ٢٤٩١).

<<  <   >  >>