للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السّهميّ دَيْن، فجاءه يتقاضاه حقّه، فرفض العاصي أن يقضي له دينه حتى يكفر بالنَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، فقال له خبّاب: " لا أكفر حتّى يُمِيتَكَ الله ثمّ تُبْعَث " أي حتّى تموت وتبعث أمامي، وهذا من باب التيئيس والاستحالة، فقال العاص منكراً: " وإنّي لميّت ثمّ مبعوث؟! قال: نعم. قال: فإنه سيكون لي، ثمّ مالٌ وولد، فأقضيك " فأنزل الله تعالى في ذلك قرآناً يتلى على مرّ الزّمان.

أخرج البخاري عن خبّاب، قال: " كنتُ قَيْناً (حدّاداً) في الجاهلية، وكان لي على العاصي بن وائل ديْنٌ، فأتيتُه أتقاضاه. قال: لا أعطيك حتّى تكفر بمحمّد ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ. فقلت: لا أكفر حتّى يُميتَك الله ثمّ تُبْعَث. قال: دعني حتّى أموتَ، وأُبْعَثَ، فسأُوتى مالاً وولداً؛ فأقْضيَك. فنزلت: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (٧٧) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (٧٨) كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (٧٩)} [مريم] " (١).

وأخرج الحاكم بسند صحيح عن ابن عبّاس ـ رضي الله عنه ـ قال: " جاء العاص بن وائل إلى رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ بعظم حائل (٢) فَفَتَّهُ، فقال: يا محمّد، أيبعثُ الله هذا بعدما أرم؟! قال: نعم، يبعثُ اللهُ هذا، يميتُكَ، ثمّ يحييكَ، ثمّ يدخلك نار جهنّم، قال فنزلت الآيات: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨)} [يس] " (٣).


(١) البخاري "صحيح البخاري " كتاب البيوع (م ٢/ ج ٣/ ص ١٣). وأخرجه في كتاب الإجارة (م ٢/ج ٣/ص ٥٢) وكتاب تفسير القرآن (م ٣/ ج ٥ / ص ٢٣٧).
(٢) أي متغيّر بالبلى.
(٣) الحاكم " المستدرك " (ج ٢/ص ٤٢٩) كتاب التّفسير. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرّجاه، ووافقه الذّهبي.

<<  <   >  >>