للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال له: كذبتَ، نعيمُ الجنّة لا يزول، فقال لبيد: والله يا معشر قريش ما كانت مجالسكم هكذا، فقام سَفِيهٌ من قريش، فلطم عَيْنَ عثمان، فاخضرت، وكان قبل ذلك في جوار الوليد بن المغيرة فردّه عليه، فقال له من حضر من قريش: والله لقد كنت في ذمّة منيعة وكانت عينك غنيّة عمّا لقيت، فقال: جوارُ الله آمنُ وأعزّ، وعيني الصّحيحة فقيرة إلى ما لقيت أختها، ولي برسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ومن آمن معه أسوة وكان ذلك قبل إسلام لبيد (١).

ولبيد بن ربيعة ـ رضي الله عنه ـ صحابيّ جليل، قال الشّعر في الجّاهليّة دهراً، ثمّ أسلم وحسن إسلامه، وقد عمّر طويلاً، وهو من أصحاب المعلّقات (٢).

وكانت عائشة ـ رضي الله عنها ـ تحبّ أن تتمثّل بعض أبياته؛ فقد أخرج البخاري عن الزبيدي، عن الزّهري، عن عروة، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ، قالت: " يا وَيْحَ لبيد حيث يقول:

ذهب الّذين يُعَاشُ في أكنافهم ... وبقيت في خَلفٍ كجِلْدِ الأجْرَب

فكيف لو أدرك زماننا؟ قال عروة: رحم الله عائشة، كيف لو أدركت زماننا؟! قال الزّهري: رحم الله عروة، كيف لو أدرك زماننا؟! قال الزبيدي: رحم الله الزهري، كيف لو أدرك زماننا؟! " (٣).

ومن الشّعراء الّذين كانت لهم مقالة، ثمّ أسلموا وحسن إسلامهم الصّحابيّ الجليل كعب بن زهير، أسلم ـ رضي الله عنه ـ حين علم من أخيه بجير أنّ النَّبيَّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ يَهمُّ بقتل كلّ من يؤذيه من شعراء المشركين، وأنّه ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ لا يَقتُلُ أحداً جاء تائباً، فقدم كعب المدينة، ثمّ أتى رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، فقال يمدح النّبيَّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ويعتذر:


(١) الشّنقيطي " الدّرر اللوامع على همع الهوامع " (ج ١/ ص ٢).
(٢) انظر ترجمته وأخباره في " الإصابة " (م ٣/ج ٦/ص ٤/رقم ٧٥٣٥) و" شرح المعلّقات العشر وأخبار شعرائها " للشّنقيطي (ص ١٠٧).
(٣) البخاري " التّاريخ الأوسط " (ص ٣١/ رقم ٢١٠).

<<  <   >  >>