للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل نحن مأمورون باتّباع الرّسول والصّحابة أيضاً، قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)} [النّساء] فالله تعالى لمّا توعّد من يخالف الرّسول - صلى الله عليه وسلم - لم يقتصر وإنّما عطف عليه الصّحابة، وتوعّد من يخالف سبيلهم؛ فهم على هدى من ربّهم، قال تعالى في حقّهم: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ... (٩٠)} [الأنعام].

ويقول تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ... (٨٣)} [النّساء] وأولو الأمر في الآية ذوو الرأي من كبار الصّحابة ـ رضي الله عنهم ـ.

ولذلك يقول النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " ... فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين المهديين عضّوا عليها بالنّواجذ " (١).

وإذا كان القرآن كالشّمس في ضحاها، فإنَّ سُنَّة النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كالقمر إذا تلاها، وسنّة أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ كالنّهار إذا جلاّها! وذلك أنّ الصّحابة رأوا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وسمعوا منه، وليس من رأى وسمع كمن لم ير ولم يسمع، فللصّحابة من الفهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ليس لأحدٍ ممّن جاء بعدهم، ولهم من العلم مكانة لا يستطيع أحد من الخلف مساواتهم فيها وهذا يوجب علينا الرّجوع إليهم قبل غيرهم في بيان القرآن والسّنّة.

ومن هنا نفهمُ قوله - صلى الله عليه وسلم - في تعيين الفرقة النّاجية " ما أنا عليه وأصحابي " (٢) ذلك أنّ الصّحابة كانوا على ما كان عليه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من الهدى، فلم يكن للصّحابة من كتاب يتفقّهون به غير القرآن، ولا من كلام يتدارسونه غير كلام الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.


(١) الحاكم " المستدرك " (ج ١/ص ٩٦) كتاب العلم، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح ليس له علّة.
(٢) التّرمذي " الجامع الكبير " (م ٤/ص ٣٨١/رقم ٢٦٤١) أبواب الإيمان، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسنٌ غريب مُفَسّرٌ لا نعرفه مثل هذا إلاّ من هذا الوجه.

<<  <   >  >>