وَالْمُرْسَلُ مِنَ الْخَبَرِ مَا لَمْ يُرْوَ، سِيَّانِ فِي الْحُكْمِ عِنْدَنَا؛ لأَنَّا لَوْ قَبْلِنَا إِرْسَالَ تَابِعِيٍّ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً فَاضِلاً عَلَى حُسْنِ الظَّنِّ لَزِمَنَا قَبُولُ مِثْلِهِ عَنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ وَمَتَى قَبْلِنَا ذَلِكَ لَزِمَنَا قَبُولُ مِثْلِهِ عَنْ تَبَعِ الأَتْبَاعِ، وَمَتَى قَبْلِنَا ذَلِكَ لَزِمَنَا قَبُولُ مِثْلِ ذَلِكَ عَنْ تُبَّاعِ التَّبَعِ، وَمَتَى قَبْلِنَا ذَلِكَ لَزِمَنَا أَنْ نَقْبَلَ مِنْ كُلِّ إِنْسَانٍ إِذَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم، وَفِي هَذَا نَقْضُ الشَّرِيعَةِ.
وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَحْتَجُّ بِمِثْلِ هَذَا الْمُرْسَلِ وَقَدْ قَدَحَ فِي رِوَايَتِهِ زِعِيمُهُمْ فِيمَا أَخبَرنا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، قَالَ: حَدثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا يَحْيَى الْحِمَّانِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ فِيمَنْ لَقِيتُ أَفْضَلَ مِنْ عَطَاءٍ، وَلَا لَقِيتُ فِيمَنْ لَقِيتُ أَكْذَبَ مِنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، مَا أَتَيْتُهُ بِشَيْءٍ قَطُّ مِنْ رَأْيٍ إِلا جَاءَنِي فِيهِ بِحَدِيثٍ، وَزَعَمَ أَنَّ عِنْدَهُ كَذَا وَكَذَا أَلْفَ حَدِيثٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم لَمْ يَنْطِقْ بِهَا.
فَهَذَا أَبُو حَنِيفَةَ يُجَرِّحُ جَابِرًا الْجُعْفِيَّ وَيُكَذِّبُهُ ضِدَّ قَوْلِ مَنِ انْتَحَلَ مِنْ أَصْحَابِهِ مَذْهَبَهُ وَزَعَمَ أَنَّ قَوْلَ أَئِمَّتِنَا فِي كُتُبِهِمْ: فُلَانٌ ضَعِيفٌ غِيبَةٌ، ثُمَّ لَمَّا اضْطَرَّهُ الأَمْرُ جَعَلَ يَحْتَجُّ بِمَنْ كَذَّبَهُ شَيْخُهُ فِي شَيْءٍ يَدْفَعُ بِهِ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم.
فَأَمَّا جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ فَقَدْ ذَكَرْنَا قِصَّتَهُ فِي كِتَابِ الْمَجْرُوحِينَ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ بِالْبَرَاهِينِ الْوَاضِحَةِ الَّتِي لَا يَخْفَى عَلَى ذِي لُبٍّ صِحَّتُهَا فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ تِكْرَارِهَا فِي هَذَا الكتاب. [٢١٠٩ - ٢١١٠]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute