ذِكْرُ الإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَرْكِ الاِتِّكَالِ عَلَى لُزُومِ عِمَارَةِ أَرْضِهِ وَصَلَاحِ أَحْوَالِهِ دُونَ التَّشْمِيرِ لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمُشَمِّرِينَ لَهُ كِفَايَةٌ.
٤٢٧٨ - أَخبَرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدثنا عَمْرُو بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدثنا أَبِي، قَالَ: حَدثنا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَسْلَمُ أَبُو عِمْرَانَ، مَوْلًى لِكِنْدَةَ، قَالَ: كُنَّا بِمَدِينَةِ الرُّومِ، فَأَخْرَجُوا إِلَيْنَا صَفًّا عَظِيمًا مِنَ الرُّومِ، وَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مِثْلُهُ أَوْ أَكْثَرُ، وَعَلَى أَهْلِ مِصْرَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم، فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صَفِّ الرُّومِ حَتَّى دَخَلَ فِيهِمْ، فَصَاحَ بِهِ النَّاسُ، وَقَالُوا: سُبْحَانَ اللهِ تُلْقِي بِيَدِكَ إِلَى التَّهْلُكَةِ! فَقَامَ أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَتَأَوَّلُونَ هَذِهِ الآيَةَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِينَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، إِنَّا لَمَّا أَعَزَّ اللهُ الإِسْلَامَ، وَكَثَّرَ نَاصِرِيهِ، قُلْنَا بَعْضُنَا لِبَعْضٍ سِرًّا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم: إِنَّ أَمْوَالَنَا قَدْ ضَاعَتْ، وَإِنَّ اللهَ قَدْ أَعَزَّ الإِسْلَامَ وَكَثَّرَ نَاصِرِيهِ، فَلَوْ أَقَمْنَا فِي أَمْوَالِنَا فَأَصْلَحْنَا مَا ضَاعَ مِنْهَا، فَأَنْزَلَ اللهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم يَرُدُّ عَلَيْنَا مَا قُلْنَا: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: ١٩٥]، فَكَانَتِ التَّهْلُكَةُ الإِقَامَةَ فِي أَمْوَالِنَا وَإِصْلَاحَهَا وَتَرْكَنَا الْغَزْوَ، قَالَ: وَمَا زَالَ أَبُو أَيُّوبَ شَاخِصًا فِي سَبِيلِ اللهِ حَتَّى دُفِنَ بِأَرْضِ الرُّومِ. [٤٧١١]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute