ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ عَنبَسَةُ عَنِ الْحَسَنِ.
١٠٥٥ - أَخبَرنا عَبْدُ اللهِ بْنُ قَحْطَبَةَ، قَالَ: حَدثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ زِيَادٍ الأَعْلَمِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالنَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وسَلم رَاكِعٌ، قَالَ: فَرَكَعْتُ دُونَ الصَّفِّ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "زَادَكَ اللهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ".
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: هَذَا الْخَبَرُ مِنَ الضَّرْبِ الَّذِي ذَكَرْتُ فِي "كِتَابِ فُصُولِ السُّنَنِ" أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيه وسَلم قَدْ يَنْهَى عَنْ شَيْءٍ فِي فِعْلٍ مَعْلُومٍ وَيَكُونُ مُرْتَكِبُ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَأْثُومًا بِفِعْلِهِ ذَلِكَ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِنَهْيِ الْمُصْطَفَى صَلى الله عَلَيه وسَلم عَنْهُ، وَالْفِعْلُ جَائِزٌ عَلَى مَا فَعَلَهُ، كَنَهْيِهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم عَنْ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، أَوْ يَسْتَامَ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، فَإِنْ خَطَبَ امْرُؤٌ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالنَّهْيِ عَنْهُ كَانَ مَأْثُومًا، وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ.
فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلى الله عَلَيه وسَلم لأَبِي بَكْرَةَ: "زَادَكَ اللهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ"، فَإِنْ عَادَ رَجُلٌ فِي هَذَا الْفِعْلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَكَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ النَّهْيِ كَانَ مَأْثُومًا فِي ارْتِكَابِهِ الْمَنْهِيَّ، وَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ؛ وَلأَنَّهُ صَلى الله عَلَيه وسَلم أَبَاحَ هَذَا الْقَدْرَ لأَبِي بَكْرَةَ مُسْتثْنًى مِنْ جُمْلَةِ مَا نَهَاهُ عَنْهُ فِي خَبَرِ وَابِصَةَ كَالْمُزَابَنَةِ وَالْعَرِيَّةِ، وَلَوْ لَمْ تَجُزِ الصَّلَاةُ بِهَذَا الْوَصْفِ لأَبِي بَكْرَةَ لأَمَرَهُ صَلى الله عَلَيه وسَلم بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ: "وَلَا تَعُدْ" أَرَادَ بِهِ لَا تَعُدُ فِي إِبْطَاءِ الْمَجِيءِ إِلَى الصَّلَاةِ لَا أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنْ لَا تَعُودَ بَعْدَ تَكْبِيرِكَ فِي اللُّحُوقِ بِالصَّفِّ. [٢١٩٥]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute