للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ.

٣٥ - أَخبَرنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ، قال: حَدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: أَخبَرنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قال: أَخبَرنا مَعْمَرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ أُنَيْسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم، قَالَ: "الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: الْعَرَبُ تَصِفُ بَاذِلَ الشَّيْءِ الْكَثِيرِ بِطُولِ الْيَدِ، وَمُتَأَمِّلَ الشَّيْءِ الْكَثِيرِ بِطُولِ الْعُنُقِ، فَقَوْلُهُ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، يُرِيدُ أَطْوَلَهُمْ أَعْنَاقًا لِتَأَمُّلِ الثَّوَابِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وسَلم لِنِسَائِهِ: "أَسْرَعُكُنَّ بِي لُحُوقًا أَطْوَلُكُنَّ يَدًا"، فَكَانَتْ سَوْدَةُ أَوَّلَ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وسَلم لَحِقَتْ بِهِ، وَكَانَتْ أَكْثَرَهُنَّ صَدَقَةً.

وَلَيْسَ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم هَذَا أَنَّ الْمُؤَذِّنِينَ هُمْ أَكْثَرُ النَّاسِ تَأَمُّلاً لِلثَّوَابِ فِي الْقِيَامَةِ، وَهَذَا مِمَّا نَقُولُ فِي كُتُبِنَا: إِنَّ الْعَرَبَ تَذْكُرُ الشَّيْءَ فِي لُغَتِهَا بِذِكْرِ الْحَذْفِ عَنْهُ مَا عَلَيْهِ مُعَوَّلُهُ، فَأَرَادَ صَلى الله عَلَيه وسَلم بِقَوْلِهِ: "أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا"، أَيْ: مِنْ أَطْوَلِ النَّاسِ أَعْنَاقًا، فَحَذَفَ "مِنْ" مِنَ الْخَبَرِ، كَمَا قَالَ صَلى الله عَلَيه وسَلم يَحْكِي عَنِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا: "أَحَبُّ عِبَادِي إِلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا" أَيْ: مِنْ أَقْوَامٍ أُحِبُّهُمْ وَهَؤُلَاءِ مِنْهُمْ، وَهَذَا بَابٌ طَوِيلٌ سَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَقْسَامِ السُّنَنِ إِنْ قَضَى اللهُ ذَلِكَ وَشَاءَهُ. [١٦٧٠]

<<  <  ج: ص:  >  >>