ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجَنَّةَ إِنَّمَا تَجِبُ لِمَنْ شَهِدَ للهِ جَلَّ وَعَلَا بِالْوَحْدَانِيَّةِ، وَكَانَ ذَلِكَ عَنْ يَقِينٍ مِنْ قَلْبِهِ، لَا أَنَّ الإِقْرَارَ بِالشَّهَادَةِ يُوجِبُ الْجَنَّةَ لِلْمُقِرِّ بِهَا، دُونَ أَنْ يُقِرَّ بِهَا بِالإِخْلَاصِ.
٨١٢ - أَخبَرنا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَسْكَرِيُّ بِالرَّقَّةِ، قَالَ: حَدثنا عَبْدَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَكِيلُ، قَالَ: حَدثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ مُعَاذًا لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، قَالَ: اكْشِفُوا عَنِّي سِجْفَ الْقُبَّةِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم، يَقُولُ: "مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ".
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قَوْلُهُ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "دَخَلَ الْجَنَّةَ" يُرِيدُ بِهِ جَنَّةً دُونَ جنَّةٍ لأَنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، فَمَنْ أَتَى بِالإِقْرَارِ الَّذِي هُوَ أَعْلَى شُعَبِ الإِيمَانِ، وَلَمْ يُدْرِكِ الْعَمَلَ ثُمَّ مَاتَ، أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ أَتَى بَعْدَ الإِقْرَارِ مِنَ الأَعْمَالِ قَلَّ، أَوْ كَثُرَ، أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، جَنَّةً فَوْقَ تِلْكَ الْجَنَّةِ، لأَنَّ مَنْ كَثُرَ عَمَلُهُ عَلَتْ دَرَجَاتُهُ، وَارْتَفَعَتْ جَنَّتُهُ، لَا أَنَّ الْكُلَّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَدْخُلُونَ جَنَّةً وَاحِدَةً، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ أَعْمَالُهُمْ وَتَبَايَنَتْ، لأَنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ لَا جَنَّةٌ وَاحِدَةٌ. [٢٠٠]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute