بعد تأليف الشيخ ابن حبان رحمه الله كتابه المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع بـ ٣٨٥ سنة، أعاد ترتيبه الشيخ ابن بلبان (توفي سنة ٧٣٩ هـ - ١٣٣٨ م) على الأبواب الفقهية كسائر كتب السنن المبوبة مثل صحيح البخاري ومسلم. وهذا الكتاب الجديد هو بمنزلة فهرس عظيم للتقاسيم والأنواع. ألفه مؤلفه ليسهل طريق الوصول إلى الأحاديث في كتاب التقاسيم والأنواع، فقال:
فإن من أجمع المصنَّفات في الأخبار النبوية، وأنفع المؤلَّفات في الآثار المحمَّدية، كتاب "التقاسيم والأنواع"، للشيخ الإمام، حَسَنَةِ الأيام، حافظ زمانه، وضابط أَوَانِهِ، مَعْدِنِ الإتقان، أبي حاتم محمد بن حبان التميمي البُسْتِي، شَكَرَ الله مَسْعَاهُ، وجعل الجنة مثواه، فإنه لم يُنْسَجْ له على مِنْوال، في جمع سُنَن الحرام والحلال. لكنَّه لبديع صُنْعه، ومَنِيع وَضْعه، قد عزًّ جانِبُه، فكثر مجانبه، وتعسَّر اقتناصُ شوَارده، فتعذَّر الاقتباس من فوائده ومَوَارِدِه.
فرأيتُ أن أتسبَّب لتقريبه، وأتقرَّب إلى الله بتهذيبه وترتيبه، وأُسَهِّلَهُ على طُلابِهِ، بوضع كل حديث في بابه، الذي هو أولى به. لِيَؤُمَّه من هَجَره، ويُقَدِّمَهُ مَن أهْمَلَهُ وأخَّره. وشرعتُ فيه معترفاً بأن البضاعة مُزْجَاةٌ، وأن لا حولَ ولا قوة إلا بالله.
فحَصَّلْتُهُ في أَيْسَر مُدَّة، وجعلتُه عمدةً للطَّلَبَةِ، وعُدَّة. فأصبح بحمد الله موجوداً بعد أن كان كالعدم، مقصوداً كنارٍ على أرفع علم، معدوداً بفضل الله من أكمل النِّعَم.
قد فُتِحَتْ سماء يسره، فصارت أبواباً، وزُحْزِحَتْ جبال عسره، فكانت سراباً. وقُرِنَ كل صنف بصنفه، فَآَضْت أزواجاً، وكلُّ تِلْوٍ بِإِلْفِهِ، فَضَاءَتْ سراجاً وهَّاجاً. وسمَّيتُهُ:
"الإحسانُ في تقريب صحيح ابن حبان"(١).
(١) انظر: ابن حبان، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان بتحقيق أحمد محمد شاكر، ١/ ٤٩ - ٥٠.