ذِكْرُ رَجَاءِ نَوَالِ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ بِالطَّاعَةِ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ إِذَا أَتَى بِهَا بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ.
٢٨٥ - أَخبَرنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ بِحَرَّانَ، حَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدثنا يَحْيَى الْقَطَّانُ، حَدثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وسَلم قَالَ: "مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي".
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: خِطَابُ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ مِمَّا نَقُولُ فِي كُتُبِنَا بِأَنَّ الْعَرَبَ تُطْلِقُ فِي لُغَتِهَا اسْمَ الشَّيْءِ الْمَقْصُودِ عَلَى سَبَبِهِ، فَلَمَّا كَانَ الْمُسْلِمُ إِذَا تَقَرَّبَ إِلَى بَارِئِهِ جَلَّ وَعَلَا بِالطَّاعَةِ عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وسَلم، وَرُجِيَ لَهُ قَبُولُهَا، وَثَوَابُهُ عَلَيْهَا الْجَنَّةُ، أَطْلَقَ اسْمَ الْمَقْصُودِ الَّذِي هُوَ الْجَنَّةُ عَلَى سَبَبِهِ الَّذِي هُوَ الْمِنْبَر، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ"، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "مِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي"، لِرَجَاءِ الْمَرْءِ نَوَالَ الشُّرْبِ مِنَ الْحَوْضِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ رَوْضَةٍ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ بِطَاعَتِهِ فِي الدُّنْيَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "عَائِدُ الْمَرِيضِ فِي مَخْرَفَةِ الْجَنَّةِ"، لَمَّا كَانَ عَائِدُ الْمَرِيضِ فِي وَقْتِ عِيَادَتِهِ يُرْجَى لَهُ بِهَا التَّمَكُّنُ مِنْ مَخْرَفَةِ الْجَنَّةِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ، أَطْلَقَ اسْمَ ذَلِكَ الْمَقْصُودِ عَلَى سَبَبِهِ، وَنَحْوُ هَذَا قَوْلُهُ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "الْجَنَّةُ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ"، وَلِهَذَا نَظَائِرٌ كَثِيرَةٌ سَنَذْكُرُهَا فِيمَا بَعْدُ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ قَضَى اللهُ ذَلِكَ وَشَاءَهُ. [٣٧٥٠]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute