قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: الْعَرَبُ إِذَا أَرَادَتْ وَصْفَ شَيْئَيْنِ مُتَبَايِنَيْنِ عَلَى سَبِيلِ التَّشْبِيهِ أَطْلَقَتْهُمَا مَعًا بِلَفْظِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ غَيْرَ سِيَّيْنِ كَمَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كَانَ طَعَامُنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم الأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ وَالْمَاءُ. فَأَطْلَقَهُمَا جَمِيعًا بِلَفْظِ أَحَدِهِمَا عِنْدَ التَّثْنِيَةِ، وَهَذَا كَمَا قِيلَ: عَدْلُ الْعُمَرَيْنِ، فَأُطْلِقَا مَعًا بِلَفْظِ أَحَدِهِمَا، فَتَبَشْبش الله جَلَّ وَعَلَا بعَبْدِهِ الْمُوطِّنِ الْمَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ لِلصَّلَاةِ وَالْخَيْرِ، إِنَّمَا هُوَ نَظَرُهُ إِلَيْهِ بِالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَحَبَّةِ لِذَلِكَ الْفِعْلِ مِنْهُ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم، يَحْكِي عَنِ اللهِ تَعَالَى: "مَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا"، يُرِيدُ بِهِ: مَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا بِالطَّاعَةِ وَوَسَائِلِ الْخَيْرِ، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا بِالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَلِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ سَنَذْكُرُهَا فِي مَوْضِعهَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ يَسَّرَ اللهُ ذَلِكَ وَسَهَّلَهُ. [١٦٠٧]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute